أوسلو كغيره عندما يتعلق الأمر بالمآسي التي يتعرض لها الفلسطينيون، فلكل مناسبة فلسطينية حكاية، ومعاناة من نوعٍ جديد، فالمسألة إذن ليست في ذكرى أوسلو وحسب.
وإنما يتعلق الأمر باحتلالٍ ارتكب كل الفظائع بحق الشعب الفلسطيني، ومارس كل الجرائم المروّعة في مواجهة شعبٍ أعزلٍ دفع كل الأثمان في مواجهة مشروع الإحلال والاستيطان والإلغاء ومحاولة طمس الهوية عبر إرغام من يمثلونه في لحظة ضعف وغياب رؤية وفقدان بوصلة من توقيع أسوأ وثيقة أضرت بحق شعب تحت الاحتلال في أرضه و قدسه وخلقت شرخا طوليا في جدار وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية ومشروعه التحرري.
"اتفاقية أوسلو" اعتراف دولة الاحتلال بالمنظمة على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني واعتراف منظمة التحرير بإسرائيل على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة وغزة، ونبذ الإرهاب والعنف (تمنع المقاومة المسلحة ضد الاحتلال) وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها، على أن يتم خلال خمس سنين انسحاب دولة الاحتلال من الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1.5% من أرض فلسطين، وصولاً إلى دولة في حدود 1967م ولكنه مسار السراب بعد 28 سنة.
أوسلو فتحت الباب للتطبيع وضياع الحلم، كما كانت صافرة البدء للانقسام الفلسطيني الشرخ الطُولي الممتد حتى لحظتنا هذه،
لكن أوسلو فشلت في الفكرة والتطبيق وساهمت أوسلو بالمزيد من الاستيطان الذي قضم القدس والضفة الغربية، تطور عدد المستوطنين في الضفة من (65) ألف إلى مليون تقريبا بعد أوسلو، وقد وفرت لهم سلطة أوسلو الأمن عبر "التنسيق الأمني". واليوم وصل أوسلو إلى الجدار الأخير بإعلان فشله وموته من أصحابه وعرابيه ورعاته، ولكن ما زال الشعب الفلسطيني يدفع فاتورته حتى قبره.
فمتى تعلنون قبره؟