هلال نصّار يكتب: النقب في مواجهة الصندوق القومي اليهودي — شؤون عسكرية وأمنية

هلال نصّار يكتب: النقب في مواجهة الصندوق القومي اليهودي

هلال-نصّار-يكتب-النقب-في-مواجهة-الصندوق-القومي-اليهودي

تقاوم عدة قرى عربية في منطقة النقب جنوبي فلسطين المحتلة منذ عدة أشهر ضد مخططات التحريش على يد الصندوق القومي اليهودي (ككال)، حيث يقتحم عناصر ككال القرى العربية مسلوبة الاعتراف بحماية من الشرطة الصهيونية وترافقهم آليات وجرافات قليلة لتسوية الأرض، بهدف البدء بتحريشها دون انذار سابق لأهالي القرى الفلسطينية.

النقب عامة يتعرض لهجمة شرسة غير مسبوقة بكثافتها حيث نتحدث عن مصادرة أكثر من 40 ألف دونم وتشجيرها ليس محبة بالطبيعة وإنما بهدف التطهير العرقي ل30 ألف مواطن في المنطقة الواقعة بين الزرنوق وسعوة، حيث يعيش أكثر من 28 ألف نسمة في قرى (المشاش، وخربة الوطن، والغرة والرويس، وبير الحمام، وغيرها)، تسعى السلطات الصهيونية إلى إقصاء أهلها من خلال تحريش أراضيهم وبالتالي هي صبغة مرادفة المصادرة والتهجير، تاريخياً أرض النقب تساوي 21 مليون و800 ألف دونم، يسكن في النقب اليوم حوالي 300 ألف نسمة يعيشون على مساحة 400 ألف دونم، أي 3% من أرضهم التاريخية، وفي النقب 37 قرية غير معترف بها تعاني من انعدام الخدمات مثل المياه والكهرباء والبنى التحتية، يرفض أهلها تركها رغم كل التعليقات رافضين السياسة العنجهية التي تمارسها الحكومة الصهيونية ضدهم القائمة على فكرة تجميع اكبر عدد سكان على أصغر قطعة أرض.

الصندوق القومي اليهودي (الكيرين كييمت) ويطلق عليه الصندوق الدائم، وهي منظمة صهيونية تأسست في عام 1901 كوسيلة لجمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي وإقامة المستعمرات اليهودية في فلسطين تحت الانتداب البريطاني ولاحقًا الضفة الغربية وقطاع غزة لإقامة مستوطنات يهودية، في العام 2007 كان الصندوق يملك حوالي 13% من مجمل الأراضي في الكيان الصهيوني المسخ.

وقد اقترح تأسيسه في المؤتمر الصهيوني السادس (1903) وقد نص قرار إنشائه على حصر استخدام أمواله في استملاك الأراضي التي تضم فلسطين وسوريا وأية أجزاء أخرى من تركيا الأسيوية وشبه جزيرة سيناء بهدف توطين اليهود فيها، بحيث تعتبر هذه الأراضي ملكاً أبدياً لليهود لا يجوز بيعها أو التصرف بها عن غير طريق تأجيرها، وفي عام 1922 نقل المكتب الرئيس للصندوق إلى القدس وكانت حصيلة نشاطاته حتى نهاية العام 1947 امتلاك أراض مساحتها 933,000 دونم من أصل 1,734,000 دونم كان يمتلكها اليهود في فلسطين آنذاك، أي ما يساوي 6.6% من مساحة فلسطين الكلية البالغة 26,305,000 دونم، أعاد الكنيست في مطلع 1954 صياغة البند المتعلق بمنطقة عمل الصندوق فحصرتها في الأراضي الخاضعة لقوانين حكومة الكيان الصهيونى، ثم جرى تعديل مهام الصندوق فحولت من شراء الأراضي إلى استصلاحها وتشجيرها، والمساعدة على استيعاب المهاجرين الجدد وتوفير فرص العمل والخدمات الصحية لهم، والإسهام في بناء قرى الناحال بالتنسيق مع الجيش، وتمويل التعليم الصهيوني، وفي آب 1961 وقعت اتفاقية لتنظيم علاقة الصندوق بالحكومة الصهيونية حددت فيها مهامه ومصادر تمويله، وهي تبرعات يهود العالم وبيع العقارات المؤجرة.

يستمر مسلسل صمود المواطنين الفلسطينين في النقب المحتل رغم الإرهاب الصهيوني المستمر ومحاولات التهويد المتسارعة ومشاريع الهدم ومصادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي كان آخرها مشروع تشجير النقب برعاية الصندوق القومي اليهودي (ككال) من خلال محاولة الالتفاف والالتواء على شعبنا لتهجيرهم وتغيير جيولوجيا الأرض.


كما أن هذه الانتهاكات تعد جرائم قانونية وفق اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الثاني من القانون الدولي الإنساني التي نصت على أن اتفاقية جنيف الرابعة جاءت لوضع النظم والقواعد التي تحمي السكان المدنيين وبالأخص في الأراضي المحتلة والأشخاص المحرومين من حريتهم ومسألة الاحتلال بصفة عامة، وأن البروتوكول الإضافي الثاني نص على أن يشمل ضمانات أساسية للأشخاص الذين لا ينخرطون في الأعمال العدائية أثناء نزاع مسلح غير دولي ويضع قواعد لحماية المدنيين والأعيان المدنية والمنشآت الضرورية لبقاء المدنيين على قيد الحياة، اما المعاهدات المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية والبيئية فهنا تنص اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأي أغراض عدائية أخرى وهذه الاتفاقية تحظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة أو التغييرات الجيوفيزيائية التي لها آثار واسعة النطاق أو آثار دائمة أو حادة لأغراض عسكرية أو الأغراض العدائية الأخرى.

أهالي النقب يؤكدون يومياً على تجذرهم وتمسكهم بأرض فلسطين، وذاهبون لمرحلة كسر العظم مع العدو الصهيوني، رغم إدامة الاشتباك في النقب يعني أنه لن يكون هناك عملية تهجير جديدة، وان المجتمع الدولي ومكونات الشعب الفلسطيني يدينون ما يتعرض له النقب المحتل من محاولات تهويدية جديدة تمارسها منظمة الصندوق القومي اليهودي (ككال)، وبلا شك اذا لم تقف هذه المشاريع التهويدية فإن الثمن السياسي والأمني الذي سيدفعه المجتمع الصهيوني كبير للغاية، وستبقى أرض النقب عربية فلسطينية وستتحطم المشاريع التهويدية أمام صمود وثبات شعبنا الفلسطيني في النقب المحتل.

لذا يحاول الاحتلال فرض واقع جديد من خلال استحواذه على النقب المحتل مؤخراً، ولم يعلن سابقاً عن خطط حكومية صهيونية تسمح للأهالي الفلسطينين بتقديم اعتراضاتهم في لجان التخطيط حسب المسار القانوني الطبيعي مع خطط التنظيم والبناء، ويشعر الكيان الصهيوني بتهديد وجودي حقيقي لذلك يمارس الإجرام بحق شعبنا، ويحاول أن ينتزع كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض، لكنه لم ينجح في عزل شعبنا الفلسطيني في الداخل المحتل.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "180 تحقيقات"