فلسفة الحرب عند سن تزو؟ — شؤون عسكرية وأمنية

فلسفة الحرب عند سن تزو؟

فلسفة-الحرب-عند-سن-تزو

كتبه : هشام عابد
تقديم عام
"سن تزو" أو السيد الحكيم؛ لا يعرف الكثير عن حياته، ولا الفترة الزمنية التي عاش فيها، وبعض المصادر تشير إلى أنه من معاصري الفيلسوف الصيني (كونفوشيوس: 551 ق.م، 479 ق.م).
بينما يعتقد المترجم "صامويل غريفت" إلى أنه ربما يكون قد عاش في الفترة مابين(453-221 ق.م)، لأن تفاصيل الكتاب تناسب هذه الحقبة الزمنية، والتي شهدت الحروب بين الدول، وأدت إلى توحيد الصين لأول مرة تحت "إمبراطورية جن" التي لم تدم طويلا.
يعتقد أن سن تزو كتب رائعته "فن الحرب"، في العقد الأول من القرن الخامس ق.م، وقدم نسخة منه إلى الملك "حلو" سنة 512 ق.م. حيث وضع كتابه بطلب من الملك وخصصه لصفوة القادة العسكريين. بخصوص نص "فن الحرب" فإن أصالته وسلامته ليست مؤكدة، كما تاريخ تأليفه ليس مؤكدا. وفي عام 1972م، اكتشف علماء الآثار 5 فصول مجهولة أضيفت للنسخة الموجودة.
أول خروج للكتاب من الصين كان إلى اليابان من طرف كبار ثلاثي الساموراي وعكف على دراسته وتطبيقه لتوحيد اليابان تحت راية واحدة.
ثم في عام 1772م، تمت ترجمته إلى الفرنسية، وبعدها بقليل تمت ترجمته إلى الإنجليزية والألمانية.
أول ترجمة فرنسية له كانت عام 1772م، تبعتها ترجمة روسية عام 1860م، وعرفته اللغات الإنجليزية والألمانية في القرن 20م. وله عدة ترجمات بالعربية كان أولها ترجمة "كامل يوسف حسين".
يتميز الكتاب بجمله الحكمية القصيرة والغزيرة المعنى، تبدأ في الغالب بفعل الأمر: أدرس، اقذف، امنع،... وفي شكل نصائح. والفصول الثلاث عشر هي عبارة عن جمل حكمية فلسفية في عالم الانضباط والجيش والحياة بصفة عامة...
وتأتي قيمة وأهمية كتاب سن تزو أن مؤلفه ينتمي لعائلة عسكرية عريقة، وأنه كتب في فترة كانت مليئة بالغيبيات والأساطير وكتب الأبراج، بينما نجده رغم هذا كتب كتابا مليئا بالعلم والواقعية والبعد التطبيقي وإجابة عن كثير القضايا المعروفة في وقته واستجابة للظروف السائدة في مملكته الصينية المترامية الأطراف. كما أضفى "سن تزو" مسحة من الحكمة والفلسفة على العمل الحربي.
شهرة وذيوع الكتاب تنطلق من عدة نواحي؛ كونه أقدم كتاب حول الحرب عرفته البشرية، وكونه مليء بالحكمة، وبعيد كل البعد عن التأثر بكتابات سابقيه إن وجدت أصلا..! كما كان لتعاليم سن تزو دور في توحيد الإمبراطورية الصينية فيما بعد. وهو أيضا صالح للتطبيق لمبادئه العامة في كل زمان، في عالم الاقتصاد والتجارة والسياسة والرياضة والإدارة...

تعريفه للحرب
"الحرب قرار خطير"؛ ذلك أول ما نفهمه من سن تزو، إذ ليس اعتباطا في قائد عسكري وحكيم صيني أن يبدأ كتابا عن الحرب، بجملة من قبيل "لا يوجد في حياة الأمم ما هو أخطر من قرار شن الحرب. فالحرب لا تتوقف عند كونها ساحة للدم تزهق فيها أرواح الجنود، وإنما هي جهد جماعي لكل أفراد المجتمع، ويمكن أن تحول بلاد بأكملها إلى أراضي يعمها الخراب والدمار". ص 73
لقد توقفت الحرب مع سن تزو عن كونها مجرد مغامرات هنا وهناك وأصبحت قضية جادة تسترعي انتباه أفضل الساسة وأمهر القادة. بل أصبحت مادة للتأليف والكتابة. إذ"الحرب مسألة خطيرة للدولة، إنها ميدان الحياة والموت". ص 73 لذلك ضرورة التريث في اتخاذ قرار الحرب. ص 73
ومن بين أهم الأشياء والأمور التي ينبغي تعلمها كما يرى سن تزو في فن الحرب ألا وهي مسألة "الانضباط العسكري"؛ فأول درس لسن تزو في الحرب قدمه للعالم وهو يشرح للملك كيف يتم الانتقال من النظرية العسكرية إلى تطبيقها كان هو الامتثال للأوامر العسكرية ذلك بأن قتل قائدتي المجموعتين اللتين تترأسا مجموعتيها العسكريتين لعدم امتثال جنودهم للأوامر العسكرية.
أما الدرس الثاني هو لما غضب الملك من قتل الجاريتين فرد سن تزو على غضب الملك بأنه ما دام مكلفا بقيادة القوات العسكرية، فهناك بعض الأوامر لا يكفي قبولها تحت هذا التكليف.
أما بخصوص الدرس الثالث هو لما رفض الملك رؤية الاستعراض فأرسل إلى الملك قائلا: "الملك مغروم بالكلمات فقط، ولا يستطيع ترجمتها إلى أفعال". رغم كل هذا عينه الملك وحصد النصر تلو الآخر ضد جيرانه ونجاحه كان بسبب افتقار العدو إلى عنصر "النظام والإدارة"، التي ابتدعها الحكيم العسكري سن تزو.
كما نفهم من سن تزو مسألة أخرى ضرورية في فن الحرب وهي "مرونة الحرب"، فرغم أن عناصر فن الحرب الخمسة: وهي قياس المسافات، تقدير الكميات، حسابات الأرقام، المقارنة، احتمالات النصر.ص 99 إلا أن لكل حرب منطقها المختلف، فإنه لا يمكن صياغة قواعد محددة وتكتيكات تقوم على أساس إحداها يمكن أن تأتي دائما بالنصر، ولا يجلب النصر إلا القواعد المرنة والمتكيفة والمبتكرة.
ويصف لنا سن تزو الحرب وصفا رائعا ويصف طبيعتها قائلا "تحدد المياه مسارها وفقا لطبيعة الأرض التي تنساب فوقها، والجندي يعمد إلى توفير أسباب النصر وفقا للعدو الذي يواجهه. إذن، تماما مثلما الماء الذي لا يتخذ شكلا ثابتا مستديما، فالحرب لا تعرف شروطا أو أحوالا ثابتة". ص 116( نفس الأمر نجده لدى كلاوزفيتز) فالحرب إذن أمر طبيعي متقلب كما هي كل عناصر الطبيعة الأخرى متغيرة ومتحولة وليست ثابتة جامدة.
كما أن للحرب عند "سن تزو" حدود أخلاقية وإنسانية رغم أنها حتمية.
والحرب مسألة حتمية؛ حتى وإن كان هو نفسه من المعارضين لها، ورغم ذلك فإنه يعتبرها أمرا حتميا وهي واقعية من طرف سن تزو لذلك نجده يجتهد لإيجاد مجموعة مبادئ وطرق لضمان النصر بأقل ما يمكن من خسائر بل ودون الذهاب إلى أرض المعركة. فـ"الحرب لعبة فنية، وعلى من يخوضها أن يعرف كيف يلعبها بمهارة وحرفنة".ص97 فنجده يتحدث عن التفكير في إمكانية إخضاع العدو من دون قتال. إذ إخضاع العدو من دون قتال هو أرفع امتياز، فالعمل العسكري هو أقل الطرق جودة لإخضاع العدو وتعلوها في المرتبة إفساد تحالف العدو وأفضل من كل هذا استخدام الإستراتيجية لهزيمة إستراتيجية العدو. بل إن الأعظم بين القادة ليس هو المنتصر في مائة معركة بل ذلك الذي لا يحتاج إطلاقا إلى القتال لينتصر! إننا أمام الطاقة الداخلية العميقة والتركيز الروحي العالي لتحقيق أقسى الأمور بأسمى الطرق وأسرعها، وأسلسها دون الاضطرار لإراقة الدماء، وتلك إحدى أجمل بصمات سن تزو وهو ينظر لأقسى أنواع الفنون في العالم: فن الحرب.

الكلمات المفتاح لفكرة الحرب عند سن تزو؟
إذا فكرنا في استخلاص الكلمات المفتاح لفلسفة الحرب عند سن تزو فإننا سنقول أنها:


- مرونة و مراوغة وخدعة في الحرب.
- قائد بشخصية عميقة ومتخفية، ماهر مجرب، يتفاعل مع الحرب بمرونة.
- قوة ضاربة وسرعة كبيرة لتحقيق النصر.
- السيطرة وليس التدمير هو الهدف من الحرب.
ومن خلال الكتاب يمكننا أن نلاحظ أن سن تزو كان مميزا في اختياره لمبادئ السلم المتضمنة في النظرية الحربية وهو مجهود جبار وفكرة مبتكرة وأصيلة، لجمع النمطين في قالب معرفي وفكري ونظري واحد (التغلب على العدو دون كثير من السفك والقتل). وهو تعامل مع الحتمي بطريقة إنسانية فرغم إقراره بحتمية العمل الحربي والحرب في الحياة، لكن يمكن تفاديها وممارسة كنهها دون التدمير والقتل، بتنفيذ السيطرة مع عدم الاضطرار للقتل والدماء...

الفكر السائد في عصر سن تزو و فلسفته للحرب؟
لابد أن قائدنا الحربي وكاتبنا ينتمي إلى عصره. لكنه حاول بمجهود جبار يحسب له التخلص من خيوط الفكر السائد في عصره والمتمثل في الفلسفة الطاوية والكونفوشيوسية في التنظير للحرب، إلى جانب حكمة وفلسفة الشرق الأقصى. ولاشك أن هذا البعد الأنطولوجي والروحي حاضر بقوة في كتاب "فن الحرب" نظرا للتربة التي ألف فيها الكتاب والفضاء الحضاري والفكري الذي ينتمي إليه الكاتب.
لكنه استفاد منه إيجابا مستخلصا منه أجود ما فيه ليستغل في الفكر الحربي والعسكري لعصره وأعطاه بذلك بعدا أكثر عقلانية وعلمية بالمقارنة مع عصره المليء بالغيبيات والفكر الروحاني الموغل في الشعوذة والطوباويات...
ينتمي سن تزو إلى عصره من خلال العديد من الأفكار، فنظرية الانسجام التام؛ والفلسة الطاوية والكونفوشيوسية، واضحة وملموسة في كتابه من خلال الكثير من الأمثلة والعبارات، لكن التوظيف كما قلت كان إيجابيا وبناء.
فهو مثلا دائما يضرب الأمثلة بالأشياء الطبيعية؛ علامات موسيقية، ألوان أساسية، نكهات أساسية، ويقيس عليها تنوع التكتيكات الحربية. ص 104
وحتى في دراسته للحالات التي للأراضي فإنه يركز على ملائمة القوانين الأساسية للطبيعة البشرية، ملائمة التكنيكات الهجومية والدفاعية.
ويظهر ذلك من خلال جمل كهذه حيث يقول "اقتلاعك لشجرة ضعيفة لا يعني قوتك، وسماعك لقصف الرعد لا يعني أنك حاد السمع، ورؤيتك الشمس لا تعني أنك حاد النظر". ص 97
وفي علاقته بأفكار النذر والشؤم والخرافات يحضى سن تزو بالتميز فرغم انتماءه لعصر مبكر مليء بالأساطير والعقل الخرافي والإيمان بالحظ وحسن الطالع وأمور الشعوذة البعيدة عن العقل. نجد سن تزو لا يفتح أي هامش لهذا الفكر في تصوره لنظرية الحرب وفكرة الحرب والمؤسسة العسكرية، بل يبني فكره ونظريته على أساس عقلي تجده ينتصر في ذلك على "مكيافيلي" بفتحه هامشا مهما لمثل هذا النوع من الفكر للتسرب لكتابته حول المؤسسة العسكرية والأمير والقائد. نفس الأمر بالنسبة لابن خلدون وكلاوزفيتز نسبيا. وهو في شبه أمر يقول "إمنع التعاطي مع المؤلفات وأفكار النذر والشؤم". ص 144 ليشكل بذلك خطوة مبكرة وجبارة منذ القديم مع الفكر الغيبي لصالح الفكر العقلاني والمنطقي.

البعد الإنساني والأخلاقي
تأكيده على "روح الفريق" " L esprit du Corps"، كما هو معروف في الدراسات العسكرية الحديثة؛ فنجده يقول"إذ ليس بربط الخيول، وغرس عجلات العربات في الرمال يتم منع الجنود عن الهرب من الحرب". ص 146
ويركز على المعيار الإنساني باعتباره شيئا مهما جدا من خلال مواصفات؛ القائد، الشجاعة، الحكمة، الحنكة، الأخلاق العالية...
ولم يكن إنهاء الكتاب بفصل حول "استعمال الجواسيس" إلا دليلا على المنحى السلمي في الانتصارات الحربية! كقيمة سامية من الحرب نفسها والتي هي مفروضة وحتمية فقط وغير مرغوب فيها بالأساس. كما وفي نفس السياق ضرورة وجوب معاملة الأسرى من الجنود بطيبة والإبقاء عليهم. ص 85 فالمخطط الجيد يخضع العدو من دون قتاله. ص 73 فاستعمال ملكة العقل والفضيلة واستخدامها بشكل صحيح يؤديان إلى النصر. ص 73
فعندما يتم اللجوء إلى القوة المسلحة لتحقيق النصر فإنه يتم وفق الشروط الآتية:
- اختصر فترة الحرب.
- تخفيف الآلام والخسائر البشرية.
- تكبيد العدو أقل الخسائر.
فهل هناك مفكر عسكري في العالم لحد اليوم كان هاجسه الأكبر ليس في الحرب، بل في كيفية إنجاز والقيام بالحرب أكثر من سن تزو؟

النظام والانضباط
سن تزو يعطينا دروسا عميقة في الانضباط؛ وفي اختصار قوي وعميق يقول سن تزو "إمرة أشخاص عديدين هي كإمرة أشخاص قليلين إنها مسألة تنظيم، كذلك مقاتلة أشخاص عديدين هي كمقاتلة أشخاص قليلين إنها مسألة إشارات". ص 103
كما أن الانضباط العسكري كان أول درس لسن تزو في الحرب أعطاه للعالم وهو يشرح للملك كيف يتم الانتقال من النظرية العسكرية إلى تطبيقها كان هو الامتثال للأوامر العسكرية ذلك بأن قتل قائدتي المجموعتين اللتين تترأسا مجموعتيها العسكريتين لعدم امتثال جنودهم للأوامر العسكرية.
بينما كان الدرس الثاني هو لما غضب الملك من قتل الجاريتين فرد سن تزو على غضب الملك بأنه ما دام مكلفا بقيادة القوات العسكرية، فهناك بعض الأوامر لا يكفي قبولها تحت هذا التكليف. وهو فصل حقيقي بين ما للحاكم وما للقائد العسكري من مهام واختصاصات لكل واحد منهما. وهو فصل مبكر بين "السياسي" و"العسكري" كما نجده اليوم في فلسفة الحرب والحكم الحديثة.
أما الدرس الثالث فهو لما رفض الملك رؤية الاستعراض فأرسل إلى الملك قائلا: "الملك مغروم بالكلمات فقط، ولا يستطيع ترجمتها إلى أفعال". الأمر الذي بين أن السياسي مهمته الكلمات والخطابات بينما القائد والمحارب يترجم السياسة والخطط إلى أفعال إلى حقيقة. وهذا النظام وذاك الانضباط معا كانا بسبب افتقار العدو إلى عنصر "النظام والإدارة والانضباط"، التي ابتدعها الحكيم العسكري سن تزو وحقق بها انتصارات تلو الأخرى بشكل مبهر وبشكل ساعد فيما بعد على وحدة الصين وحماية ترابها الإمبراطوري.

الطاقة الكامنة
مفتاح آخر من مفاتيح الحرب الهادئة، أو القوة الهادئة؛ وهي الاعتماد بشكل كبير على "الجواسيس".
كما أن المعيار ليس هو كم الجيش بل الإصرار على القتال هو المحدد. فيمكن لجيش ضعيف إذا أصر على القتال ضد جيش العدو القوي دون الالتفات إلى الحفاظ على قوتهم وحياتهم فمن السهل أن يتحولوا إلى أسرى في قبضة العدو.
لقد صور لنا سن تزو الطاقة الكامنة بالحجرة المستديرة النازلة من قمة جبل مرتفع لآلاف الأمتار، إذ هذا هو موضوع الطاقة.

القوة والزخم
في فصل القوة والزخم يتحدث "سن تزو" قائلا "قوة المقاتلين الأكفاء في المعركة يمكن مقارنتها بقوة الحصاة المستديرة التي تهوى متدحرجة على منحدرات جبل شاهق وهذا هو الزخم". ص103
كما يتحدث في الفصل 12 عن "الهجوم بالنار" وهو القوة الفتاكة التي كان يعرفها العصر القديم، إذا أضفنا إليها الجاسوسية، والاهتمام والتركيز الكبير على القائد. سيكون القائد والمعلومة وقوة النار هو الثالوث الخطير الذي يكون لعبة الحرب في زمن "سن تزو".
وعبر آليات أخرى مثل نصائحه؛ أنه باتخاذ العناصر غير المواتية للحسبان، تصبح الخطة الحربية قابلة للتنفيذ، وباتخاذ العناصر غير المواتية للحسبان، يتم تذليل الصعاب والمخاطر والبحث عن حلول.
إلى جانب تركيزه على فكرة الاستعداد الدائم للعدو، وعدم الوقوع في فرضية عدم قدوم العدو. ففن الحرب يعلمنا أن لا نعتمد على فرضية عدم هجوم العدو، بل أن نجهز أنفسنا لملاقاته ليس اعتمادا على فرضية عدم قيامه بالهجوم، بل على حقيقة أننا جعلنا موقفنا العسكري صلبا لاشك في قوته. ص 125
كما والإشارة إلى ضرورة "تنويع التكتيكات الحربية" في الصفحات 123 إلى 125 من الفصل الثامن.

المعرفة
التأكيد الكبير في أكثر من مكان في ثنايا الكتاب وعلى طول الصفحات على أهمية المعرفة وخاصة منها معرفة النفس وبعدها معرفة العدو.

مسألة السرعة
لقد ركز سن تزو بشكل مطول على مسألة السرعة؛ سرعة إنجاز الحروب في فصل "شن الحرب" الفصل الثاني.
يقول سن تزو"السرعة هي جوهر الحرب، واحرص على الاستفادة من عدم استعداد العدو، وشق طريقك مستخدما سبيلا غير متوقعة، وهاجم النقاط غير المحروسة. ص 143
وإذا كان الهدف الرئيس للجيش هو النصر السريع. ص 83 فإن النصر السريع هو غاية الحرب الرئيسية. فإذا قررنا شن حرب فلابد أن تكون هذه الحرب خاطفة حاسمة. ص 83 ويمكن القول أن لنا نموذجا للنصر السريع فيما فعلته أمريكا في العراق إذ لم تتجاوز الحرب شهرا واحدا.
إن عامل الوقت أمر جد هام. ص 83 يقول سن تزو، فإذا كان "المخطط" يبدأ بالقوة العادية، فإن النصر يحقق بالقوة و"المباغتة". ص 103
كما أن المطلب الأساسي المتوخى من السرعة هو الحفاظ على المعنويات في الجيش والدولة على حد سواء وهي نقطة أشد ما كررها وأكد عليها كلاوزفيتز أيضا في كتابه "في الحرب". فطول الحرب وحصار المدن يفقد الحماسة وتنهار الروح المعنوية ويزيد المصاريف ويرهق القوى. ص 83 حيث إذا تأخرت الحرب ستتلف أسلحة الجند وتصدأ، وستخمد حماسة الرجال، وإذا هاجم الجيش المدن سوف تنهك قواه. ص 83
فالحرب بهذا المعنى تنبني على السرعة، والمفاجأة، واستغلال ثغرات العدو. حتى أن التاريخ لم يثبت أن حماقة التسرع كانت أسوء من التأخر لمدة طويلة في الحرب. ص 84 "فالتسرع الأحمق أفضل من التأني الماهر" ص 84

لعبة الأنا والآخر؟
الحرب لعبة يحددها طرفان؛ من هنا تأتي ثنائية الأنا والآخر في الحرب. لذلك فالأنا عليها أن تتحكم في ملاعبة ومراوغة وتمويه الآخر.
فالحرب ترتبط بثنائية الهجوم والدفاع حسب قوة الجيش وقوة جيش العدو. ص 129 فبالنسبة لحالة اللاغلبة أو عدم الهزيمة فهي تكمن في طريقة الدفاع، لكن إمكانية النصر تكون في الهجوم. لذلك فعلى الجيش أن يدافع عن نفسه في حالة تفوق قوات العدو على قواته، وأن يهاجم حين تكون قوة جيش العدو غير كافية. ص 129 إذن مسألة الدفاع والهجوم مرتبطة بحالة الأنا مقابل دراسة حالة الآخر العدو. لدرجة أن الانتصار لا يكون إلا بالاستعداد الدائم للعدو وعدم السقوط في خطأ افتراض عدم قدومه، بل عكس ذلك الاعتماد على الاستعداد لمواجهته وكأنه قادم في أي لحظة.
وتظهر هذه الثنائية في الكثير من الأمثلة؛ فمثلا على الجيش أن يخدع العدو لدرجة لا يعرفه في أي الأماكن سيهاجم. وعلينا أن لا نجعله يعرف في أي جهة سنهاجمه لتبقى قواته مشتتة ونضمن بذلك قوات قليلة للعدو في انتظارنا. فالمكان الذي سنهاجم فيه العدو يجب ألا يكون معروفا لأحد، لأن العدو يجب عليه أن يستعد لهجومنا في أكثر من مكان مختلف. ص 113
كما أننا تستطيع إطالة وضعية أو حالة اللاغلبة، فبينما أنت تستطيع الحفاظ على حالة اللاغلبة لكن سقوط العدو يكمن في ثغرات العدو ذاته. ص 129 أيضا تبرز الثنائية في التأكيد على مسألة وحدة الجيش وتقسيم جيش العدو. ص 113 وكذلك في ازواجية المعرفة؛ معرفة النفس ومعرفة الآخر هذه الازدواجية التي يرى فيها سن تزو سر الانتصار. ص 90 كما أن هاجس عدم التعرض للهزيمة في حد ذاته نصر حربي كبير. لأن مسؤولية حماية أنفسنا تقع على عاتقنا نحن بينما فرصة هزيمة العدو يقدمها لنا العدو نفسه. ص 97

لعبة التخفي
التخفي أيضا يظهر في أن نوع الانتصار الذي يحبذه سن تزو؛ أولا يتم بأكثر الطرق سلمية دون قتال ومعارك، وثانيا أن النصر الذي يفضله هو الذي يحدث دون الصخب الذي يلازم عادة الانتصارات في الحروب، لذلك هو يتحدث عن قوى وأطراف ضعيفة تحقق نصرا دون قتال وبواسطة حكمة كبيرة وتنصرف دون ضوضاء كبيرة في تواضع تام.
ولعبة التخفي، تظهر على سبيل المثال، حين يطلب سن تزو من القائد على أن يكون "هادئا وغامضا" قادرا على "وضع خطط لا يمكن سبر أغوارها". فهنا تكمن نظرية التخفي. ص 130 ويصف الأمر بأسلوب بديع قائلا؛ فمثل خطى القدر، يأتي الهجوم في رقة كاملة وسرية تامة، فتعلم منها أن تختفي عن العيون، وألا يصدر عنك أي ضوضاء بذلك تتحكم في مصير العدو بين يديك. ص 112
إنه الهدوء والتخفي التام سر الضربة القوية، كما أنه "لا شيء في أمور الجيش كله يفوق أهمية الحفاظ على علاقات قريبة وحميمة مع الجواسيس، كما ولا يجب أن يفوق أي شيء مكافأة هؤلاء الجواسيس بسخاء". ص 165 إنه أقصى ما يمكن للقوة المادية القسرية العنيفة للمؤسسة العسكرية والتي تختفي في سلاسة وسحر شرقي ماهر حتى تصل إلى أهدافها بكل سرية واختباء عن الأنظار.

القائد والحاكم؟
ما الحدود التي يرسمها "سن تزو" بين القائد العسكري والحاكم السياسي؟ هذا يدفعنا لمعرفة مواصفات القائد التي تميزه عن الحاكم أولا، ثم حدود العلاقة بينهما ثانيا.
فبالنسبة لقائد الجيش فهو المتحكم في أقدار الشعب، وهو الرجل الذي يعتمد عليه ما إذا كانت الأمة ستعيش في سلام أم في خطر. ص 85 والقائد الذي لا يتحكم في ضجره سيطلب من جنوده الهجوم قبل أن تنضج الظروف المناسبة. ص90 والقائد البارع يقهر قوات العدو دون قتال، فهو سيفتح مدن العدو دون حصارها، وسيسقط نظامها الحاكم دون عمليات عسكرية في الميدان. ص90 والقائد الحكيم هو من تنصهر عنده اعتبارات المزايا والعيوب في خططه. ص 124 والقائد الاستراتيجي المنتصر هو من يذهب للقتال بعدما ضمن النصر، حيث هو المقدر له أن ينتصر في أولى معاركه وبعدها ينتظر النصر المظفر. ص 99 والقائد شديد البراعة يراعي القانون الأخلاقي، وبالتالي المتحكم في النصر. ص 99
والقائد يستعمل القوات الأساسية لتناوش وتقاتل العدو، والقوات الخاصة لتحقيق النصر. ص 103
والمقاتل الباسل رهيب في هجومه، متأن في اتخاذه لقراراته، كما أن المقاتل الماهر هو من لا ينتصر فحسب، بل يبرع في الانتصار بكل سهولة ويسر. ص 98
وعلى القائد أن يستجيب تلقائيا وبشكل مناسب مهما كان شأن مستجدات الظروف والأحوال. إذ لابد للقائد يقول "سن تزو"، أن ينوع تكنيكاته وأساليبه كما تتغير الظروف والأحوال دوما "فالظروف لا تكرر نفسها" وعلى المرء أن ينوع إيجاباته للتحديات (كلاوزفيتز نجد لديه هذه الفكرة هو الآخر).
فعلى القائد أن يطلب النصر من الوضعية ومن خلال فهمها وقراءتها والتجاوب معها أكثر مما يطلبه من أتباعه. فالوضعية هي التي تلهم القائد بما يتوجب التصرف على ضوءه وليس اعتمادا على الخطط والأتباع. كما أن القائد هو الشخص المسئول عن الاستراتيجية وخداع العدو وجمع المعلومات من الجواسيس.
ومواصفات القائد المثالي؛ امتلاك خبرة واسعة، وامتلاك معرفة ومهارات في العلوم والفنون.
وبالنسبة لتقاطع أدوار كل من الحاكم والقائد نجد مثلا؛ أنه إذا كانت القدرة على تقدير قوة الخصم، والتحكم في الأسباب المؤدية إلى النصر، وحسن حساب الصعاب والمتاعب والعقبات، والمخاطر والمسافات هي التي تضع قدرات القائد العظيم تحت الاختبار. ص 136 فإن التنظيم السوي للدولة هو أفضل حليف للجندي. ص 136
كما أنه إذا كان القائد متأكدا من النصر عليه أن يحارب رغما من معارضة الحاكم، وإذا كان النصر غير مؤكد فعليك أن تعارض القتال رغم أوامر الحاكم بالحرب. ص 137 كدليل على دور القائد في اختيار قرارات حاسمة قد لا توافق هوى الحاكم باعتباره أعرف وأكثر خبرة في المجال العسكري والحربي من السياسي.
فالقائد العسكري هو درة وتاج الدولة إذا كان يحارب دون أن يكون غرضه الشهرة، وينسحب دون الخوف من لحاق الخزي والعار باسمه ويسيطر عليه شيء واحد هو حماية الوطن وخدمة الملك. ص 137 كما أن القائد هو حصن الدولة، وإذا كان الحصن كاملا من جميع الجهات، فالدولة ستكون قوية، أما إذا كان الحصن به عيوب، فالدولة ستكون ضعيفة. ص 91
وهو فصل كما سبق وأشرنا مبكر بين مهام السياسي المغرم بالكلمات والخطابات والقائد المتخصص في ترجمتها وتنفيذها على أرض الواقع.

نظرية الدفاع والهجوم
يعبر سن تزو على موقفه من الدفاع والهجوم بكثير من الأصالة الفكرية والتميز؛ خصوصا فيما يتعلق في موقفه من الدفاع و إبرازه لما يمكنه أن يحمل من إيجابيات ومن توظيف يدخل في إطار التكتيكات الحربية النافعة.
فالانسحاب مثلا من أمام عدو متفوق في القوة ليس فقط حماية لقوتك من الخطر وإنما هو أيضا محاولة لغواية العدو بالتورط حتى يصنع لك فرصة تستغلها لمواجهته (ويكون الانسحاب قوة تبدو من خلال التظاهر بالضعف والانكسار من خلال التراجع)، فاستراتيجية الدفاع وتوظيفها تصل إلى حد إغراء العدو واستغلال نفسيته وشهيته للظفر بك، فتقدم له صيدا ثمينا يغريه بابتلاع طعمك والدخول في الشباك التي نصبتها له، وحينئذ تنقض عليه وتفترسه... بما معناه أنه يجب أن تجبر العدو على أن يظهر لك قوته فتستطيع أن تستغلها لصالحك وتنقض عليه وتودي به إلى الهلاك مهما كانت قوته.
في الحرب ليس هناك عيب إن كان يخدم مصلحتك، كالاكتفاء بالدفاع، أو الانسحاب، أو تفادي مواجهة العدو، لأن العبرة بالنتائج المتوخاة من ذلك، فمثلا سن تزو ينصح بتجنب مواجهة عدو يتمتع بقوة قتالية كبيرة. والدفاع في مثل هذه الحالات يقوم بإنقاذ الجيش في الموقف الذي ينتفي فيه التكافؤ مع العدو. كما ينفع إتباع المنحى الدفاعي في حالة الوقوع في "أرض يائسة " حيث على القائد إلهام الرجال وبعث الأمل فيهم عبر وحدة الهدف. ص 149 وكذا محاولة تحمل الجيش لهجوم العدو من دون أن يهزم. أما في مايخص القاعدة الأساسية التي ينبه إليها الحكيم العسكري الصيني هي عدم محاصرة المدن ذات الأسوار لما يتطلبه ذلك من مجهود إضافي. ص 90 لذلك فالحصار غير محبذ. ص 90
كما أن اتخاذ موقف الدفاع لا يعني السلبية بل على العكس يتضمن عاملين إيجابيين إذا ما قورن بالهجوم:
- استغلال الطبيعة الجغرافية واتباع أساليب الغموض والتخفي والخداع والتمويه وإرباك العدو.
- الانتباه إلى أن الغرض الأساسي من الدفاع هو خلق الظروف التي تمكن من الهجوم.
فالدفاع إذن ليس تحركا عسكريا بمعنى أن تمد درعك لصد هجمات العدو فقط، ولكنه يعني البراعة في الجمع بين هجمات العدو وشن الهجوم عليه. ويشبه سن تزو موقف الدفاع بأنه أشبه بمن يدفن نفسه في قرار الأرض حتى لا يتمكن العدو من التعرف على حركاته.
وتظهر ثنائية الدفاع والهجوم في نص سن تزو، من خلال العديد من العبارات؛ فالتحصن ضد الهزيمة يستلزم اتباع التكنيكات الدفاعية، وأما القدرة على هزيمة العدو فتعني انتهاز الفرصة. ص 98 واتخاذ الوضع الدفاعي يشير إلى قوة غير كافية، بينما الهجوم يستلزم توفر القوة الزائدة. ص 98 وإذا كان القائد الماهر في الدفاع يختبئ في سابع أرض. فإن القائد الماهر في الهجوم ينقض كالبرق من أعالي السماء. ص 98 وبينما مهارة الدفاع تكمن في التخفي في المواقع الأكثر سرية وعزلة تحت الأرض، ومهارة الهجوم تكمن في السرعة الشديدة والمفاجأة. ص 97

الخداع
يظهر التركيز على هذا المعطى من خلال الكثير من النصائح يقدمها سن تزو من أجل حرب قوية وبأقل الخسائر: أنظر الفصل المعنون بـ(الهجوم بالخداع ص 89).
فجميع أعمال الحرب تقوم على الخداع:
- عندما تكون قادرا عليك أن تدعي العجز.
- عندما تكون نشيطا عليك أن تدعي الخمول.
- عندما تكون قريبا تظاهر بأنك بعيد.
- عندما تكون بعيدا تظاهر بأنك قريب.
- قدم لعدوك إغراء لخداعه.
- تظاهر بالفوضى واضرب العدو.
- عندما يركز، استعد ضده.
- عندما يكون قويا تحاشاه.
- عندما تراه موحدا فرق بين صفوفه.
- هاجم عندما تراه مستعد.
- مسألة القناع المظهر الخارجي والحقيقة الداخلية. إعطاء إشارات خادعة والذي بناء عليه سيتصرف العدو. ص 106
وخداع العدو يتكرر بكثرة في متن النص العسكري لدى القائد الصيني. التعامل مع فن الخدعة يدخل في إطار استعمال القوة الكامنة وتوظيف الطاقة الإنسانية الداخلية. كما من المعروف مدى أصالة وعراقة فن "الأقنعة" والتي تضهر في الاستعراضات الفلكلورية الصينية إلى يومنا هذا، والتي تعبر عن ثرات عريق في الشرق الأقصى وفي الصين على الخصوص.

البعد المعنوي والإنساني
في كتاب فن الحرب يتم التأكيد المتواصل المرة تلو الأخرى على البعد المعنوي والإنساني، من خلال تركيزه على شروط الوحدة بين القائد والشعب؛ فالحكيم العسكري الصيني يطالب بإتباع سياسة تصبو للتعايش بين الشعب والزعيم. كما أن فن الحرب لديه لا يهتم بالنصر وحده، بل أيضا على تجنب الهزيمة وتقليل تفادي الخسائر بل ومحاولة تفادي الحرب والقتال، إذا كان ممكنا، وذلك بضمان النصر بأقل التكاليف وأسرع الطرق.
وأن أول قتال للقائد هو مع نفسه، وأن اول حرب هي حرب داخلية معذ الذات نفسها، " إذا لم ينتصر القائد على غضبه، وأطلق العنان لجنوده فاندفعوا كالثمالى فإن ثلث ضباطه وجنوده يقتلون".
ومادام لا يمكن التنبؤ مسبقا بمصير المعركة لذلك يجب الاعتماد على خطط حربية مرنة تناسب ما قد يظهر من مفاجآت.
رغم مايرجع إلى انتماءه إلى مرحلة للدول المتحاربة، فإن مفتاح النجاح الأول لديه هو "خداع العدو". أما مفتاح النجاح الثاني هو"المخابرات والجواسيس"، إنه القتال بأقل الخسائر! أو القتال بإنسانية إن صح التعبير!
ويظهر عمق التفكير لدى سن تزو من خلال جمل كهذه؛ "والخبير يمر بلطف ورصانة لا تترك أثرا ولا صوتا يتسيد على مصير العدو"، إنها جملة نابعة من أعماق نظرية وممارسة الطاوية.. فالحكيم الطاوي هو المرء المتناغم كليا مع الواقع الكامن وراء عالم الحياة اليومية، المألوف في خبرتنا اليومية.

بلبلة النص والتكرار
يلاحظ قارئ نص فن الحرب بعضا من البلبلة والتكرار في النص، وذلك راجع لعدم وجود نص أصلي أو نسخة كاملة له؛ يمكننا الإشارة إلى بعض من هذه البلبلة في هذه الملاحظات:
- المقارنات 7 تتكرر لـ 3 مرات في الصفحات 76 و 77 و 78؟
- الفصل الثامن: مثال للبلبلة والتكرار الكبير في الأفكار.
- هناك بلبلة و تكرار في الفصل الثاني عشر حول "ساحات المعركة التسع"، كما لاحظ صاحب النص الإنجليزي المترجم عنه من طرف "أحمد ناصيف" إلى العربية.
- كما أن هناك تكرار في الفصل الحادي عشر، و ضرورة أخذ ذلك في الحسبان عند القراءة وملاحظة تعارض بعض النقاط مع بعضها البعض. ص 150
- ليس هناك فرق كبير بين الفصلين 10 و 11 في المضمون تقريبا: "التضاريس" و "ساحات المعركة التسع". مما يخلق تداخلا وارتباكا في الأفكار المتعلقة بعلاقة الجيش والقائد بالأرض والتضاريس؟
- نلاحظ أيضا طولا نسبيا في الفصل الحادي عشر حول "ساحات المعركة التسع" مقارنة مع باقي الفصول؟
- قلة العدد وكثرته بالنسبة للجيش فكرة مبلبلة؟ ص 91
- نموذج البلبلة والتكرار كما في الصفحة 111 من الفصل السادس حول "نقاط الضعف والقوة" فكرة سبق العدو إلى أرض المعركة تكررت ثلاث مرات في نفس الصفحة.

خلاصة عامة
رغم ذلك يبقى كتاب "فن الحرب"، كتابا مصدريا رائدا و مبدعا لعدة اعتبارات؛ أهمها أنه يعد أول كتاب حول الفن العسكري، وأنه مليء بالحكمة التي جاءت في زمن مليء بالشعوذة والفكر السحري والغيبي والروحي، ولأنه أيضا منح فسحة عقلانية وعلمية حقيقية لدراسة ظاهرة الحرب، ووضع الفن العسكري على سكة التطور العلمي والعقلاني، ولأنه أعطى لمعنى الانضباط بعدا أساسيا كأحد اهم المعطيات في الحروب والمؤسسة العسكرية، ولأنه كتاب حاول إعطاء جانب إنساني وسلمي للحرب ولمؤسسة عسكرية تتسم بالعنف والقتل من خلال محاولة تركيزه على الجواسيس والخداع والسرعة في تنفيذ العمليات الحربية وعدم إطالة الألم والترويع...
وتبقى محاولتنا هاته هنا في تبيان بعض من مغالق نص فن الحرب رغم ما يظهر من سلاسة نصه ووضوح أفكاره، إلى أنه نص من نوع السهل الممتنع، أو الواضح العميق. إذ تحتوي فصوله وتطوي أفكارا دفينة تحتاج إلى بحث عميق و تمحيص مطول واستنباط جاد لمختلف مناحيه الأساسية والمميزة والتي تجعل منه نصا أصيلا وأساسيا في بحر العلوم العسكرية منذ البدء إلى اليوم.

*سن تزو. فن الحرب، تقديم وتعليق أحمد ناصيف، الطبعة الأولى، الناشر: دار الكتاب العربي. 2010.