فنون القيادة العسكرية الحديثة — شؤون عسكرية وأمنية

فنون القيادة العسكرية الحديثة

فنون-القيادة-العسكرية-الحديثة

القيادة اصطلاحا هي تلك الصلاحيات القانونية التي يمارسها العسكري على مرؤوسيه بقوة رتبته وواجبه وموقعه وهذا يعني ببساطة ممارسته القيادة الناشئة عن منصبه، والواجبات المكلف بها وتبنى القيادة أساساً على السلطة المفوضة من خلال

التسلسل القيادي , ويمكن تعريف السلطة بأنها: القوة الشرعية التي يستخدمها القائد في توجيه مرؤوسيه للعمل في حدود مهام المنصب المعين فيه، وتعتبر المسؤولية جزءاً أساسياً ومكملاً لسلطة القائد، حيث إن جميع العسكريين يعتـبرون أشخاصاً مسؤولين من الناحية القانونية والناحية المعنوية: وهي فن التأثير في الرجال وتوجيههم نحو هدف معين بطريقة تضمن بها احترامهم وثقتهموطاعتهم وولاءهم وتعاونهم و توحيد الصفوف في سبيل واجب مقدس.
القيادة: هي فن يكتسب وينمى ويمارس بالخبرة والمهارة والتدريب والتعليم والتعلم والمتابعة ليصبح القائد مؤهلا ومدربا على الأساليب الصحيحة في القيادة، وتلعب الرغبة لدى الفرد دورا هاما في اكتسابه المهارات القيادية وإتقانه لها.
إن القيادة هي (فن): وإن الفن يحتاج إلى براعة ومهارة وإتقان لكي يخرج بنتيجة وغاية لا أن يفشل، وهذا يقودنا إلى الحديث عن الشخص الذي يمتلك هذه المهارات والمواهب ألا وهو (القائد)، وهو ما يحقق عنصر هام وهو الانسجام والتعاون بين فريق العمل.
فالقائد: وهو العنصر الهام الذي لا غنى عنه في سلسلة القيادة، والذي يلعب دورا بارزا وهاما في تحقيق الأهداف والغايات المنشودة. ولا بد هنا من الإشارة إلى تعريف من هو القائد من وجهة نظر الخبراء والمختصين في مجال القيادة .
القائد يعّرف بأنه: ذلك الشخص الذي يمتلك من المهارة والخبرة والكفاءة والسلطة ما يمكنه من تطويع الآخرين وقيادتهم بالإقناع والرغبة عن طيب خاطر إلى ما يحقق الأهداف المرسومة والمصالح المأمولة. ونحن بصدد بناء جبش وطني برؤى جديدة لذلك يتطلب من قادة المستقبل ويتعين عليهم فهم سمات ومهارات وفنون القيادة ودراستها وتعلمها وممارستها بالشكل الصحيح والتي نذكر أهمها لا للحصر:
1- الولاء والوفاء والإخلاص:
الولاء هو الإخلاص لله وللوطن والشعب دون غيره، وكقائد يجب أن يعكس فى كل تصرفاته الإخلاص والولاء لمرؤوسيه ومؤسسته العسكرية التي يعمل بها ورؤسائه ووطنه.
لذا يجب أن يكون إيمان القائد عميقا بربه ووطنه وأمته وقضيته التي يدافع عنها والهدف المقدس الذي يجمعه معهم وهذا ما يتطلب من القادة فهما عميقا وطاعة وتضحية بالنفس.
وبذلك يكسب ود واحترام الآخرين، ويكون ولاؤه وإخلاصه حافزا لهم للاقتداء به وطاعته من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخاة .
2-اللباقة وحسن معاملة المرؤوسين:
يجب أن يتمتع القائد بالقدرة على التحدث بشكل فاعل وترتيب أفكاره وتقديمها بشكل مميز والتعامل مع الآخرين باحترام وأدب وكياسة ولباقة، والقدرة على استيعاب الآخرين، أن يكون مجدياً وفعالاً في أوقات الأزمات، وأن يكون القائد هادئاً وثابتاً ومهذباً قادراً على اكتساب احترام الآخرين دون شعور بالحرج.
لا يبحث القائد الحقيقي عن السلطة حبا في السيطرة وهو لا يضغط إراداة الرجال بغيه تحطيمها وإنما يبحث في سبل مساعدتها لتصبح قادرة على خدمة هدف نبيل والقائد المنكر لذاته هو ذلك الشخص الذي يتجنب أن يرتفع على حساب الآخرين، والبحث عن إرضاء رغبات راحة ا المرؤوسين أولاً.
3- الحمـــاسة:
وهي الرغبة الصادقة والاندفاع العقلاني المدروس للقيام بالمهام وتحمل الأعباء وإظهار الإخلاص والحماسة في أداء المهام وهي تتطلب الهمة العالية والمعنويات المرتفعة التي يجب أن يتمتع بها القائد في كل وقت وحين، وهذا يتطلب من القائد أن يكون متفائلاً ومندفعا، ولذلك فعلى القائد أن يتقبل المهام والتحديات بروح طيبة ويقرر أن ينفذها على أكمل وجه ممكن.إن أكبر خطوة نحو الحماس تنبع من تفهم المرؤوسين لمهامهم وواجباتهم وإدراك المطلوب منهم بعناية وترو، فالنجاح هو سر الحماس.

4- الهدوء وضبط النفس:
إن القلق والهيجان يؤديان إلى نتائج سيئة لا تحمد عقباها، لذا على القائد أن يضبط أعصابة ويتصرف برباطة جأش وخصوصا لحظة اتخاذ القرار وأمام المرؤوسين وأن يكون حازما في تنفيد قراراته.
5- الإيمان بالأهداف والغايات:
القائد الذي لا يؤمن بالهدف وبما يرغب بتحقيقه لا يحبط نفسه بل يحبط همة مرؤوسيه وبالتالي تفشل المهمة، فالقيادة ليست مجرد اندفاع أو طلاقة لسان أو شجاعة أو مهارة أو جمع عدد كبير من المنفذين، إنها جمع الرجال ومعرفة إمكاناتهم واستغلالها ووضع كل منهم في المكان الذي يلائمه وبث فكرة القوة والمساواة بينهم، وتوزيع المسؤوليات عليهم وإشراكهم جميعا في خدمه المصلحة العامة على أن يبقى كل فرد منهم ضمن اختصاصه.
6-التـــواضع:
إن كثرة الحديث عن ( الأنا) هي مقتلة القائد وهي كلمة غير محببة لدى المرؤوسين؛ لأن فيها إحساس بالغطرسة والتعالي ونسب النجاحات إلى الذات فقط دون احترام مشاعر الآخرين وتعظيم إنجازاتهم، ويكفي أن نعلم أن شخصا واحدا لا ينجز ولا يحقق كل النجاحات.
7- الواقعية:
إن تحقيق الأهداف لا يكون بالتنظير والشعارات بل لابد للقائد أن يعرف إمكانياتة وقدرات مرؤسيه وإمكانيات وحدته وبناء على ذلك يتصرف ويقرر وفق الإمكانيات المتاحة .
8- الطيبة ودماثة الخلق والرحمة:
القائد يجب أن يتحلى بدماثة الخلق وحسن المعشر تساعد على تسهيل المهمة وتحقيق الأهداف بسبب ما تولد من رغبة لدى المرؤوسين لتنفيد المهام المسندة، لأن الاهتمام بدقائق تفاصيل حياة المرؤوسين هو سبب تخفيف الهموم والمشاغل والمشاكل التي يعانون منها وخصوصا العائلية والأسرية، والقائد كما أسلفنا بحاجه إلى فيض الحب الذي يبذله الآخرين تجاهه لأنه يشكل الدافع له نحو المزيد من العطاء والبذل.
9- الفعـــالية:
إن تنفيذ القرارات ومتابعتها وتذليل الصعاب أمامها من قبل القائد هي مؤشرات لفاعليته وتفاعله مع المهمة، وكذلك فإن الفعالية في تنفيذ المهام الصعبة هي من أكبر الدوافع للمرؤوسين للعمل وخاصة عندما يغرس القائد في نفوسهم أن لا مستحيل أمام العزيمة القوية .
10-القــدوة الحسنــة:
وبغيرها لا يحظى القائد بالثقة والاحترام من قبل أتباعه وأعوانه ومرؤوسيه ولا يمكن أن تتحقق الأهداف النبيلة إذا لم يكن القائد قدوة لمرؤوسيه في الأعمال الجليلة والحسنة ومن الصفات القدوة الحسنة:

* أن يتمتع القائد بالكفاءة والقدرة في العمل.
*أن يكون مستعدا دائما للعمل مقبلا علية بحماس، وأن يبذل الجهد المستمر فيه.
* أن يكون حازما أهلا للثقة.
* تحمل المسؤولية.
*أن يكون مستعدا دائما لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
* أن تكون لدية القدرة على ضبط النفس والهدوء وخاصة في المواقف العصبية.
* أن تكون لديه القدرة على تدريب وتعليم الآخرين .
* أن تكون لديه الشخصية القوية المتماسكة المتكاملة.
* طلاقه اللسان وسلامة التعبير.
* قوة ألشخصّية.
* سعه الأفق وعمق التفكير وصواب الرأي .
* الاتزان العاطفي والنفسي والنضج العقلي والتحليل السليم للأمور

ومن الفنون والمهارات:

1- فن الاتصال يعتبر الاتصال عملية تفاعل اجتماعي تهدف إلى تقوية العلاقات بين الآمر ومرؤسيه عن طريق تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر التي تؤدي إلى التفاهم والتعاطف و تبادل الحقائق أو الأفكار أو الآراء و المشاعر من خلال عمليات الإرسال والاستقبال والتواصل بمعناه العام والبسيط يقوم على نقل أو تبادل المعلومات بين طرف مؤثر وآخر متأثر بقصد تغيير في المواقف أو السلوك وهو عملية ميكانيكية في العلاقات الإنسانية تتضمن تعبيرات الوجه، والاتجاهات، والحركات، ونبرات الصوت والكلمات، فعملية الاتصال بصفتها بأنهاعملية تفاعل اجتماعي تمكن من التأثير في المرؤوسين، وتمكن التغير في السلوك بالتكيف مع الأوضاع المختلفة، وتحفيز الأفراد وكسب تعاونهم من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخاة.
ولإنجاح عملية التواصل بين القائد ومرؤوسيه لابد من توفر مهارات اتصالية مثل التفكير والكلام والاستماع والمشاهدة، والفهم والتحليل لتساعد على إنتاج رسالة اتصالية مناسبة.
فعلى القادة احترام شعورمرؤوسيهم وتحريك رغبتهم وتقدير مجهوداتهم والتواصل معهم بشكل مستمر ومراقبتهم وإرشادهم وتحفيزهم وتكريم المتميزين منهم والاستماع لشكوى المرؤوسين والإنصات إليهم، وأن تكون مصغياً متجاوباً حتى لايشعر بالتجاهل والتعالي من قبل آمره والاستماع الى آرائهم ومبادلتم الحديث وإعلامهم بما يدور في الوحدة لجعلهم يشعرون بالانتماء، وبأن لهم دور ومكانة ولقطع الطريق على الشائعات والتكهنات.

2- فن الإقناع و القدرة على التأثير هي القدرة على إقناع الآخرين وليس الإكراه والإجبار؛ لأن النتائج تتحقق في حالة الإقناع بطريقة أفضل وأيسر من أن يكون الدفع لها هو الإجبار والإكراه والقسر؛ فإن الأفكار تكون بلا فائدة إذا لم يتم اقناع الآخرين بها وذلك من خلال تبسيط الأفكار المعقدة وإيصالها بطريقة سلسة يسهل فهمها بكل يسر.

3- فن إصدار الأوامر: يعتبر الأمر أحد وسائل التوجيه للقادة؛ فعندما يستخدم القائد أسلوب الأمر فلابد له من أن يتأكد تنفيده بالأسلوب الصحيح وعليه أن يوضح لفاعل الأمر كل الأمور المتعلقة بالفعل حتى لايتوقع شيئا ثم يفاجأ بآخر.
إن الوضوح هو السمة الرئيسية للأوامر ولتخقيق الوضوح يجب ألايكون هناك أي غموض في صيغة الأمر ويجب انتقاء الكلمات بكل دقة وتمعن واستخدام الجمل القصيرة

من المبادئ الرئيسية لإصدار الأوامر:

*أن يكون الامر مرتبطاً بمقتضيات الموقف.
*أن لايصدر الأمر نتيجة انفعال.
* أن يكون الامر قابلاً للتنفيد.
*أن يكون موجزاً حتى يسهل فهمه.
*ان تكون طريقة إصدار الأمر تحمل صفة الإلزام ودون تكبر ومفاخرة بالسلطة.
*التأكد من فهم المرؤوس للأوامر الصادرة.

عند إصدار الأوامر كن في المقدمة فإن قيادة الرجال من الوراء تجعلك سائقا لاقائدا ؛لانك لاتستطيع أن تدفع القوات؛ فالجنود سيرجعون باستمرار راكضين نحوك لأخذ التعليمات ولابد لك من معرفة ما الذي يجري طوال الوقت فأنت لا تستطيع السباحة دون النزول إلى الماء.
-عند إصدار الأوامر لا تلجأ إلى الصياح لتفهم الآخرين ما تريد وإنما أن تقول ماتريده بوضوح وبلا لبس أو تخمين، وابتعد عن التعجب أو التساؤل.
-إياك أن تستخدم الكلمات مثل أرى، أو أعتقد، أو أظن، أو أرجح وإياك أن تقول لاأظن فأي شك أوخوف في نبرة صوتك يشعر به الجنود، فكل من يسمعك يجب أن يعرف ماذا تريد.
لاتصدر أمرا وأنت في وضع الجلوس إلا إذا كنت على متن دبابة أو صهوة حصان.
-استشر معاونيك وشارك الجميع في المشورة قبل إصدار الأوامر فكلما كثرت العقول التي تعمل لحل المشكلة أتت النتيجة أفضل: شجع الخيال وتمسك بالتعاون، ولاتصم أذنيك عن اقتراحات وآراء الآخرين حتى وإن كان أصغرهم سننا أو أقل شأناً فإن إصدار الأوامر مثل الحجر الذي تم إلقاوه فلايمكن استعادته والكلمات التي تخرج لا يمكن استرجاعها. يقول باثون على الآمر أن يصدر أوامره للنسق الذي يليه في الرتبة وأن يعرف مواقع الوحدات بعده بنسقين وليس عليه أن يصدر الأوامر للأنساق التالية وكل من يخالف ذلك بفقد كفاءته مع الإصرار على الرؤية الكاملة للموقف.
ويقول سون تزو: "إذا كانت الكلمات المستخدمة في إصدار الأوامر غير واضحة ومميزة، وإذا كانت تلك الأوامر غير مفهومة فهماً شاملاً، فيقع اللوم على القائد". و"إذا كانت الأوامر واضحة ومميزة، وإذا كانت الأوامر مفهومة فهماً شاملاً ولم ينفذ الجنود الأوامر، فيقع اللوم على الجنود" وهنا توجب تنفيد العقاب.

4- فن التأنيب والعقاب
-أعط الملاحظة الضرورية دون تأخير، ولتكن بنغمة هادئة ورزينة.
-أنِّب ولكن بعد تحري الحقيقة كاملة بملابساتها، وتجنب إثارة الجروح السابقة.
-التأنيب الذي لا يتناسب مع الخطأ يعطي نتيجة عكسية.
-اسأل المخطئ: ما الواجب عليه فعله لتجنب هذا الخطأ مستقبلا؟ وتوصل معه لحلول عملية.
-لتكن العقوبة متناسبة مع الذنب والمذنب والأحوال المحيطة.
-لا تجمع المعاقبين في عمل واحد, فالاجتماع يولد القوة وقوة الشر هدامة. لا تعاقب الرئيس أمام مرؤوسيه حتى لا ينهار مبدأ السلطة وتتحطم سلسلة القيادة.
-لا تناقش مشاغباً أمام الآخرين.