بدأت الولايات المتحدة اليوم السبت سحبا غير مشروط لقواتها من أفغانستان بناء على أوامر من الرئيس جو بايدن، بهدف إعادة تحديد أولويات وزارة الدفاع الأميركية و تم تشكيل لجان مشتركة للإشراف على ذلك.
ورحب قائد الجيش الأفغاني الجنرال ياسين ضياء بقرار الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان، واعتبره قرارا مهما لأفغانستان ولمستقبلها، ويمثل "فرصة تاريخية للجميع" وقال "أنا متأكد من قدرات الجيش الأفغاني".
وأكد أن القوات الأميركية قامت بالفعل بتسليم عدد من القواعد العسكرية في مناطق مختلفة من البلاد.
وتوقع ضياء في تصرحيات صحفية أن تكون هناك مشاكل مؤقتة وعقبات لوجستية لفترة محددة، ولكن سيتم التغلب عليها. ودعا حركة طالبان إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مؤكدا أنه لا يمكن حل القضية باستخدام القوة.
وبشأن الوضع الحالي للقوات الأميركية مع بدء الانسحاب؛ قال قائد قوات الجيش الأفغاني إن قوة أميركية ستنسحب غدا الأحد من قاعدة شورابك في ولاية هلمند جنوبي أفغانستان، وإن القوات الأميركية ستتجمع في قاعدة بغرام شمالي كابل، ومنها ستعود إلى بلدها.
من جهته توقع مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله محب زيادة هجمات طالبان بعد انسحاب القوات الأميركية، ولكنه أكد أن قواتهم قادرة على التصدي لطالبان رغم المخاوف من انهيار النظام بعد الانسحاب الأميركي.
وطمأن حمد الله محب مواطنيه بأن القوات الأفغانية قادرة على التصدي لهجمات طالبان، على حد قوله، مشيرا إلى وجود تيارات في الحركة تعارض استمرار الحرب.
ولفت مستشار الأمن القومي الأفغاني إلى أنه إذا أرادت طالبان إطلاق سراح معتقليها فعليها التفاوض مع الحكومة الأفغانية فقط.
طالبان تحذر
وحذر المتحدث باسم حركة طالبان الأفغانية ذبيح الله مجاهد من أن تأخير انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان يعتبر بنظر الحركة خرقا لاتفاق الدوحة.
ولفت إلى أن تأخير انسحاب هذه القوات بموجب الاتفاق يمنح مقاتلي الحركة الفرصة للقيام بأي عمل ضد القوات الأجنبية في أفغانستان.
لكن المتحدث باسم طالبان قال إن مقاتليه ينتظرون قرار القيادة العليا للحركة بهذا الشأن.
وقد تم البدء بعملية تسليم القواعد الأميركية في البلاد إلى الحكومة الأفغانية..وتم تشكيل لجان مشتركة بين الطرفين الأميركي والأفغاني للإشراف على عملية تسليم القواعد الأميركية للقوات الأفغانية.
ورغم ذلك فإن هناك تحفظا كبيرا على مجريات العملية نظرا لحساسيتها الأمنية..و البداية ستكون اليوم بتسليم بعض القواعد، مع استمرار جرد المعدات العسكرية، مشيرا إلى أن هذه المعدات ستُقسم إلى 4 أقسام، فبعضها سيتم شحنه للولايات المتحدة أو لبعض دول الجوار، في حين سيُسلّم بعضها للقوات الأفغانية، بينما سيتم إتلاف بعضها.
وسبق لطالبان أن رحبت بقرار بدء الانسحاب، أما الحكومة فليست على قلب رجل واحد، فبعض أطرافها ترفض مغادرة القوات الأجنبية، بينما تعلن أطراف فيها أن عملية الانسحاب يمكن أن تكون مقدمة للمسار السياسي بين الحكومة وطالبان.
وعلى الناحية الأخرى هناك شعور في واشنطن بأن الولايات المتحدة حققت النجاح المطلوب وانتصرت على ما تصفه بالإرهاب في أفغانستان.
وكان الرئيس جو بايدن قد تحدث قبل يومين أمام أعضاء الكونجرس، واعتبر أن ما وصفه بالانسحاب المنظم والمسؤول والشفاف من أفغانستان يمثل دليلا على ريادة الولايات المتحدة للعالم.
و رغم أن بعض الأطراف في واشنطن تتحفظ على هذه العملية، وأن بعض المشرعين من الحزبين انتقدوا هذا التحرك خوفا من سقوط أفغانستان في وحل الحرب الأهلية؛ فإن بايدن كان حاسما وقرر البدء في عملية الانسحاب.
وكان الرئيس جو بايدن أعلن في 14 أبريل/نيسان الجاري أنه سيسحب قوات بلاده بشكل كامل من أفغانستان؛ لينهي بذلك أطول حروب الولايات المتحدة، على أن يكتمل سحب القوات بحلول الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر/أيلول القادم.
مفاوضات الدوحة
وبالتزامن مع بدء الانسحاب تُستأنف اليوم في الدوحة المفاوضات الأفغانية الأفغانية التي تهدف إلى التوصل إلى تسوية للوضع في أفغانستان.
وكانت كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وباكستان قد قالت إن اجتماع الدوحة بشأن أفغانستان ناقش سبل دعم المفاوضات الأفغانية الأفغانية، والتوصل إلى تسوية تفاوضية ووقف دائم وشامل لإطلاق النار.
وأضافت هذه الدول -في بيان مشترك نشرته الخارجية الأميركية- أنها تؤيد مراجعة إدراج كيانات وأفراد تابعين لحركة طالبان ضمن عقوبات الأمم المتحدة.
كما طالب البيان طالبان والحكومة الأفغانية بضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أمن أي دولة.
وعبّر عن دعم استمرار التفاوض بين الطرفين في الدوحة، وقدّر الدعم طويل الأمد الذي قدمته قطر لتسهيل عملية السلام.
كما أيد البيان جهود تركيا لاستضافة مؤتمر لكبار القادة الأفغان لتسريع المفاوضات.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم إن اجتماع أمس الجمعة في العاصمة القطرية ناقش مسألة انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.
وأضاف -في تصريحات صحفية أن الاجتماع ناقش كذلك رفع أسماء قادة الحركة من اللائحة السوداء.
من جانبه، قال الوفد الحكومي لمفاوضات السلام بين الأطراف الأفغانية في الدوحة في تصرحيات صحفية ، إن أعضاء الترويكا الموسعة أكدوا أهمية عملية السلام بين الأطراف الأفغانية وضرورة تسريعها.
واشنطن حققت أهدافها
وفي سياق متصل، قالت كاثلين هيكس نائبة وزير الدفاع الأميركي إن واشنطن حققت أهدافها في أفغانستان وتمكنت من اجتثاث تنظيم القاعدة منها، وأضافت هيكس أن واشنطن ستواصل حماية مصالحها وستحمّل طالبان وأطرافا أخرى في أفغانستان مسؤولية الوفاء بالتزاماتهم، وفق تعبيرها.
وردا على سؤال عما إذا كانت وزارة الدفاع (البنتاغون) تأخذ في الاعتبار احتمال سقوط كابل بيد طالبان؛ قالت هيكس إن واشنطن تدرس جميع عمليات الطوارئ، ومستعدة لحماية مواطنيها وقواتها.
وأما مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، فقال إن قرار الانسحاب من أفغانستان اتُخذ بالتنسيق مع حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وشدد على قدرة الولايات المتحدة على مواجهة أي تهديد "إرهابي" يستهدفها، وفق تعبيره.
وكان حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعلن في وقت سابق أنه بدأ الانسحاب من أفغانستان، مضيفا أن ذلك جاء بعد قرار الرئيس الأميركي جو بايدن إعادةَ قواته إلى البلاد، كما قال مسؤول بالحلف إن عملية الانسحاب ستكون منظمة ومنسّقة ومدروسة.
ورحّبت طالبان -في مقال نشرته على موقعها الإلكتروني- ببدء انسحاب القوات الدولية من أفغانستان، معربة عن تفاؤلها بأن الانسحاب "سينهي الصراع" في البلاد. وذكرت الحركة أن وجود القوات الدولية كان السبب الرئيس للحرب في البلاد، لكن المقال لم يتطرق إلى عملية السلام الحالية.
ميدانيا أفاد قائد الجيش الأفغاني بمقتل عدد من أفراد القوات الأفغانية وإصابة آخرين في سقوط نقطة تفتيش للجيش في ولاية غزني وسط البلاد.
وفي سياق ذي صلة، أفاد مصدر أمني في ولاية لوغر جنوب العاصمة الأفغانية بأن 25 مدنيا قُتلوا وأصيب 60 آخرون -معظمهم مدنيون- أمس الجمعة في تفجير سيارة ملغمة استهدف منزل رئيس مجلس ولاية لوغر السابق. وأوضح المصدر أن التفجير الذي وقع قبيل الإفطار أدى إلى تدمير المنازل والفنادق المجاورة له.
وبينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير؛ حَمّل بيان رئاسي حركة طالبان المسؤولية.
المصدر : الجزيرة + وكالات