تمهيد: -
- الحرب الاقتصادية بين الدول واقع لا بد له من أدوات لإدارة الصراع، كأي حرب وأهم أدواتها هي المعلومة
ومن هذا المنطلق كان التجسس الاقتصادي. لإعادة تكوين المستهلك وتوجيه سلوك المجتمعات، وتدمير الاقتصاديات أو التحكم فيها ،وتركيع الدول المُتجسس عليها سياسيا، والتحكم في قرارها السياسي
تعريف التجسس الاقتصادي
ذلك الفعل الذي يقصده شخص، أو مجموعة (شركات متعددة الجنسية، مافيات، لوبيات اقتصادية عالمية)، بترتيب وتخطيط مسبق مدعوم بالسرية بغرض الحصول علي معلومة، أو معطيات هامة ذات نفع اقتصادي، خلسة بدون علم ورضا المتجسس عليه. لإعادة استخدام تلك المعلومات في التحكم بالأضرار
رصد صور التجسس الاقتصادي :-
من خلال التفتيش عن كل المناهج والطرق والأنظمة التي تمكن المتجسس من الحصول علي المعلومات، ومتابعة ظاهرة التجسس الاقتصادي، وكيف يتم التحكم في المنتجات، والسلع المتجسس عليها ،وكيف يتم استغلال المعلومات في الإضرار بالمجتمع المتجسس عليه، سواء بمنع النفع أو التحكم فيه
لنصل لأركان جريمة التجسس الاقتصادي والتي تتوافر في أمور عدة نراها أمامنا ،وجب تتبعها وتحليها وإبراز النقاط الأركان الملموسة، التي تكشف لنا عن خفايا تلك الجريمة.
- السلاح الخفي للقوى الكبرى
التجسس الاقتصادي ذلك السلاح الخفي للقوى الكبرى، لتمكنه من السيطرة من خلال المعلومة، التي تلعب دورا حاسما في اتخاذ قرارات هادفة، لكسب أسواق جديدة.
- الأعب الرئيسي
تشكل الشركات والمؤسسات الكبرى اللاعب الرئيسي في الحرب الاقتصادية، ومن خلفها دول أو كيانات دولية في أغلب الأحيان.
-التجارب السابقة للصراع الدولي والحرب الاقتصادية
تعتبر امريكا أولي الدول المعنية بالتجسس الاقتصادي، ولنا تجربة فرنسا في الصراع الاقتصادي مع أمريكا
الصين.. وتركيز اهتمامها أجهزة أمنها في التجسس الاقتصادي (الصناعي تحديدا)، ضد الولايات المتحدة الأمريكية ،وما حقيقته من مكاسب
اليابان ركزت أجهزة امنها علي التجسس علي الدول الكبرى .
إسرائيل تمارس التجسس الاقتصادي بشكل أكثر علمية ، فكرة الانتاج والبحث حتي وصلة للمستهلك، ودرجة رضا المستهلك عنه.
سرقة الأسرار الاقتصادية أجبرت الأجهزة الأمنية على وضع آليات لمقاومة سرقة الصفقات الأمنية
قرصنة المعلومات الصناعية والاقتصادية من مراكز الأبحاث والمعامل العلمية.
ارتباط التجسس الاقتصادي بالمجتمع
فأية معلومة عن بناء المجتمع وسلوك شرائحه المختلفة تفيد الجاسوس الاقتصادي.
طريقة ممارسة الدول للتجسس الاقتصادي و أشهر أساليب التجسس والحصول على الأسرار.
إرسال عملاء إلي مختلف الدول لدراسة أساليب حياة الفئات، والشرائح المجتمعية للاستفادة بها في غزو أسواقها ،"ويتميز عملاء التجسس الاقتصادي بالصبر والدقة التامة في رصد السلوكيات" لرصد (المصانع والشركات والمستهلك ) وتتجاوز ذلك .
الأقليات العرقية والدينية ،ثغرة مهمة للتجنيد كجاسوس اقتصادي .
المجتمع المدني ومراكز الأبحاث وتمويلها، خامة جيدة للتجسس الاقتصادي بشكل مباشر ،وغير مباشر بدعوى دعم اقتصاد الدول النامية، ودعم المشروعات الصغيرة ودعم الشباب.. واستغلال فروع تلك المنظمات لجمع معلومات عن الأحوال المعيشية
تدعيم الفساد المالي والإداري، وخلق تخلف للمنظومة الإدارية للدول بغرض خلق انعكاس اجتماعي اقتصادي، لتدمير الاقتصاد الوطني.
تزوير العملة، والتلاعب بالعملة الأجنبية لخلق خلل في الميزان التجاري
اغراق الأسواق بالسلع المغشوشة، بأسعار لا تقبل المنافسة "رخيصة " غير مطابقة لشروط الجودة ،وصناعة قناعة لدى المستهلك ليتخلى عن شروط الجودة مقابل السعر .
الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لمعرفة ، ونقل المعلومات حول الموارد والثروات المعدنية الطبيعية ، تحت ذريعة التعاون الاقتصادي(مسح جيولوجي – تطوير زراعي – تخطيط اراضي
- - الحصول على نوعية وحجم الخدمات ،التي تقدمها الشركات والدول إلى الموظفين لديهم، مثل خدمات العلاج والاشتراك في الأندية والمواصلات والمصايف والرحلات والتدريب وغيرها، وهي تستخدم بكثرة في حالة رغبة إحدى الشركات في استقطاب الموظفين والعمالة من الشركات المنافسة لها، وذلك بتقدم خدمات أفضل لهم لينتقلوا إليها.
-الأبحاث الأكاديمية التي يقوم بها الطلبة للحصول على البيانات المطلوبة بطريقة أو بأخرى، وفي الغالب تكون عن طريق العلاقات الشخصية.
- القيام بدور المتدرب الذي يحضر دورة تدريبية في الشركة المنافسة أو بدور المورد الذي يريد أن يتعرف على منتجات الشركة أو دور المشترك في أحد المعارض.
- استخدام الوسائل الإلكترونية للتنصت على الاجتماعات الخاصة بالإدارة العليا، أو بتصوير خطوط الإنتاج أو الرسومات الهندسية والتصميمات، أو الوثائق السرية أو القيام باعتراض أجهزة الفاكس، أو التليفونات أو البريد الإلكتروني الخاص بهذه الشركة والعاملين بها.
- سرقة الدفاتر والمستندات أو الحصول عليها عن طريق رشوة العاملين في هذه الشركات.
- فحص قمامة الشركات المنافسة ، وقمامة منازل العاملين بها، للحصول على بيانات من خلال الأوراق والأدوات التي تُلقى في هذه القمامة، وتحليلها للكشف عن معلومات سرية، وغالبا ما يتم تجنيد عمال النظافة في هذه الحالة.
نظام "ابشلون"
وقد أصبح التجسس وجمع المعلومات الاقتصادية من مهام أجهزة المخابرات للدول تجاه الدول الأخرى، وأهم هذه الأجهزة هو ما تمتلكه الولايات المتحدة الأمريكية حالياً من برنامج نوعي للتجسس الفضائي، بوجود نظام "ابشلون"، الذى يراقب كافة أنواع الاتصالات في العالم، وهو يقوم بالاعتراض والتنصت على كل همس إلكتروني على الأرض، ويتولى هذا المكتب تنسيق أعمال 12 قمراً صناعياً ، مزوداً بكاميرات رقمية متطورة وكمبيوترات متقدمة، ولواقط إلكترونية ضخمة، وتصل قدرات هذه الأقمار إلى حد تصوير أي جسم على الأرض يصل حجمة لحجم كرة البيسبول في أي وقت - ليلاً ونهاراً - وأياً كانت حالة الطقس.
الأقمار الصناعية لرصد الأنشطة الاقتصادية والعلمية
ذكرت مصادر في ألمانيا أن خبراء ألمانيين، في شئون الأمن والاستخبارات اكتشفوا بالأدلة القاطعة أكبر عملية تجسس اقتصادية، تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ضد أوروبا، وذلك باستخدام الأقمار الصناعية لرصد الأنشطة الاقتصادية والعلمية في بريطانيا وألمانيا، وهذه العملية تسببت في أن يخسر الألمان حوالي 12 مليار دولار، وهى خسارة ناجمة عن قيام الأمريكيين خلال التجسس بسرقة الأبحاث العلمية المتطورة المتعلقة بشؤون الاقتصاد، والمشروعات الخاصة بتحقيق النمو في مجال الزراعة، وغيره من المجالات الاقتصادية الحيوية.
الشركات والمؤسسات العملاقة والمتعددة الجنسيات
وازدادت وتيرة التجسس وجمع المعلومات الاقتصادية مع انتشار عديد من الشركات والمؤسسات العملاقة، والمتعددة الجنسيات التي أصبحت ميزانياتها تتعدى مئات المليارات من الدولارات، وتفوق ميزانيات عشرات الدول معاً، ومن أهم أعمالها في الوقت الحاضر هو تدمير اقتصاديات الدول المستهدفة؛ ولعل تجربة النمو الكبير الذى حققته نمور دول جنوب شرق آسيا عندما تعدت إنجازاتها الخطوط الحمراء المحددة لها خير مثال على ذلك.
عمليات القرصنة الإلكترونية التي تحدث عبر شبكات الإنترنت والتصنت على أنظمة التنشغيل التليفونية الحدية أندرويد
وقد حدد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، الدور الجديد للمخابرات الأمريكية في كلمة ألقاها في 14 يوليو 1994م بمقر السي آي إيه عندما قال: "إن دوركم هو المساهمة في رخاء ورفاهية الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن الحادي والعشرين"، ومنذ هذا الوقت أصبحت عمليات القرصنة الإلكترونية التي تحدث عبر شبكات الإنترنت أعمالاً عادية تجاه كافة دول العالم المختلفة، ومنها الدول العربية. كما كان الرئيس الأمريكي الأسبق هارى ترومان قد منح هذا الامتياز لوكالة الأمن القومي إن إس إيه ، منذ أكتوبر 1952 للتجسس على كل ماله علاقة بالمصالح القومية الأمريكية السياسية، والاقتصادية والعسكرية.
فالدول العربية أيضاً - مثلها مثل دول العالم الأخرى - مستهدفة في ذلك أيضاً، وتؤكد ذلك الأحدث التالية:-
(1) في أكتوبر 1985، اعترضت المقاتلات الأمريكية في البحر المتوسط طائرة شركة مصر للطيران المدنية المتجهة إلى تونس، التي كانت تقلّ الفلسطينيين المتورطين في حادث اختطاف السفينة (اكيلو لاورو) ، ومن المحتمل أن تكون المخابرات المركزية الأمريكية قد اعتمدت على المحادثات التليفونية المتبادلة داخل مصر كمصدر للمعلومات.
(2) في بداية عام 1992 اضطرت طائرة الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى الهبوط الاضطراري وهي في طريقها من السودان إلى ليبيا بسبب عاصفة رملية مفاجئة في الصحراء الليبية في الطرف الجنوبي من الحدود مع السودان، ولم يستطع الطيار بث إحداثيات مكان الطائرة مباشرة قبل الهبوط، وكل ما وصل إلى محطات المتابعة هو نداء استغاثة ساد بعده الصمت. .وقد ساعدت الولايات المتحدة في عمليات البحث عن الطائرة وتحديد مكانها، مما أدى إلى نجدة الركاب والطاقم في الوقت المناسب، ما يعني أنها قد استعانت لهذه الغاية بأحد أقمارها الخاصة بالتجسس والاستكشاف.
(3) في السادس عشر من شهر فبراير 1998م ، تناقلت وكالات الأنباء معلومات عن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، تفيد بقيام العراق بتهريب كمية من اليورانيوم المخصب إلى السودان، عبر الأردن في برميل نقلته عربة موبيليا، وقد تم ذلك الرصد من خلال التجسس الأمريكي على العراق قبل الاحتلال.
(4) إعلان مصادر إسرائيلية عن رصد اتصال بين الرئيس السوري بشار الأسد، وحسن نصر الله زعيم حزب الله في جنوب لبنان، يهنئه على نجاح عملية أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة أواخر عام 2000.
(5) في السادس عشر من يوليوز 2001 نشرت صحف محلية عراقية، أنها رصدت مواقع انترنت عسكرية إسرائيلية، كانت تحاول التجسس على مواقع عراقية وخليجية، وأنها تمكنت من الحصول على معلومات مهمة عنها.
تتعرض الدول العربية - أسوة بباقي دول العالم - لعمليات تجسس اقتصادي، وإن كان لا ينشر عنها الكثير، مما نتج عنه عدم توافر المؤشرات والمعلومات، التي توضح حجم الخسائر العربية نتيجة عمليات التجسس الاقتصادي، وخصوصاً ما يقوم به الموساد الإسرائيلي في الدول العربية.
ومن أبرز قضايا التجسس الاقتصادي على الساحة العربية:
قضية الجاسوس (عزام عزام)، الذى تم القبض عليه في مصر، والذي قام بتجنيد المصرى (عماد إسماعيل) للحصول على معلومات عن الشركات ومصانع إحدى المدن الصناعية في البلاد والعاملين بها، وأيضاً كان يهدف إلى جمع كل المعلومات عن المناطق العمرانية الجديدة والكثافة السكانية ونوعية المصانع وأصحابها وكيفية إدارة عملهم وعلاقاتهم الاقتصادية.كما أعلنت أيضاً دولة الإمارات - أوائل يوليو 2001 - عن ضبط بريطانيين يتجسسون على شركات ومؤسسات إماراتية.
ويتبع حالات وقضايا تجسس اقتصادي