جاء في كتاب الحرب البرية مختصر تكتيكي لفائدة الضباط واختبار للمبادئ التي يقوم عليها فن الحرب، للكاتب علي الشافعي ص40 التالي:
بمجرد اندفاع الجنود الى المعركة فان نجاحهم او فشلهم يتوقفان على ما يكون للقائد من نفوذ وعلى تضامن القادة المرؤوسين وتعاونهم ثم على القوة المعنوية التي تتصف بها الجنود المشتبكة في القتال ودرجه تعليمهم.
نفوذ القائد:
يظهر اثره اولاً في الاوامر التي يصدرها للعمليات وبعد ذلك يظهر في الطريقة التي يستخدم بها القوات التي يبقيها تحت يده على ذمة الضربة الفاصلة، امام سيطرة القائد شخصيا على جنوده التي اشتبكت في القتال فهي ليست مستحيلة فقط، بل وغير ضرورية لان مثل هذه السيطرة والقيادة هما من واجبات مرؤوسيه الذين يجب ان يكون على تمام بنواياه، وممن يوثق بهم في تنفيذها ثم ان هناك واجبات اخرى اكثر اهمية من تلك التي يتحكم على القائد ان يضطلع بها، ومن الجوهر ان لا يدع للحوادث المحلية تحول التفاته عن غرضه الرئيسي لان الحوادث المحلية من شؤون المرؤوسين، وقد جاء في كتاب علم الحرب ما يأتي:
الطريقة القويمة للقيادة تقوم على ثلاثة امور وهي:
1- لا تمكن السيطرة على جيش وتكون هذه السيطرة مثمرة بأوامر تصدر له مباشرة من مركز الرئاسة.
2- إن الشخص الموجود في مكان العمل أحسن حكم لتقدير الموقف.
3- إن التعاون المقرون بالذكاء له قيمه تفوق الطاعة الالية بكثير
فالحملة الحربية تؤول الى نضال بين درجات الذكاء البشري، وكل قائد يبذل جهده لان يهزم خصمه في معركة، ويكون سلاحه الرئيسي هو احتياطيه العام، فاذا استطاع ان يستنفذ قوة خصمه الاحتياطية مع احتفاظه هو بقوته دون ان يمسها شيء، كان في استطاعته ان يسير الى النصر في الوقت الذي يختاره وطريقه سعيه لاستنفاد جنود العدو الاحتياطية هي ان يجعله يأتي بها الى منطقه القتال متفرقه قسماً قسماً، وذلك لجهله بالنقطة التي ستنزل بها الضربة الحاسمة.
قال المارشال فوش
يجب على القادة الأصاغر (المرؤوسين) ان يستثمروا خطه القيادة العليا بكل ما لديهم من وسائل، ولذلك يتحتم عليهم قبل كل شيء ان يفهموا الفكرة ثم يستخدموا وسائلهم على أحسن وجه يلائم الظروف - تلك الظروف التي لهم وحدهم الرأي فيها ... فان القائد العام ليس في امكانه ان يحل محل مرؤوسيه ولا يستطيع ان يبت في الامور نيابة عنهم، لأنه لكي يفكر على وجه الصواب ويبت في الراي الصحيح لابد له ان يرى من خلال عيونهم وان ينظر الى الاشياء من المكان الذي هم فيه فعلا، أي يكون في كل مكان في لحظه واحده.
فالقائد اذا كان بعيدا عن عجاج المعركة وما بها من المؤثرات على الحواس يستطيع ان يحافظ على توازن عقله ويزن الامور بميزانه، ويمكنه ان يبُت في امر المكان والزمان اللذين يبذل فيهما مجهوده النهائي، اما اخبار المعركة فإنها تصله من مرؤوسيه المباشرين، ومن البيانات التي ترد عن النجاح او الفشل يتمكن ان يكون رأيا عما في اوضاع جنوده من ضعف وقوه، وكذلك عن اوضاع خصمه، ثم يستخدم قسما من جنوده الاحتياط -اذا كان لابد من ذلك- او يدخرها وهو واثق من نجاح العمليات الى أن يحين الوقت لدفعها لكي تنزل الضرب الحاسمة.