"طائرات مسيرة إيرانية" في الحرب الأوكرانية.. الروس "يتعلمون من أخطائهم" .. وما الذي تخشاه إسرائيل — شؤون عسكرية وأمنية

"طائرات مسيرة إيرانية" في الحرب الأوكرانية.. الروس "يتعلمون من أخطائهم" .. وما الذي تخشاه إسرائيل

طائرات-إيرانية-الحرب-الأوكرانية-الروس-يتعلمون-أخطائهم

قالت صحيفة «بوليتيكو» قبل أكثر من أسبوع بقليل، بدأت الطائرات الإيرانية بدون طيار في الظهور لأول مرة في سماء أوكرانيا، حلَّقت من شبه جزيرة القرم، بحسب أندريانا أريختا، رقيب أول في القوات المسلحة الأوكرانية، واتجهت لمهاجمة وحدة القوات الخاصة التابعة لها التي تقاتل بالقرب من مدينة خيرسون الجنوبية.

وتضيف: “نجحت الطائرات بدون طيار في التهرب من دفاعات الجنود، وأسقطت قنابل على مواقعهم، ودمرت دبابتين مع طاقميهما في الداخل”.

“من الصعب جداً رؤية هذه الطائرات بدون طيار على الرادارات”، قالت أريختا لصحيفة “بوليتيكو”. وأضافت: “إنها مشكلة كبيرة”.

وخلال الأسبوع الماضي، نشرت روسيا طائرات بدون طيار قتالية إيرانية من طراز “شاهد-136” و”مهاجر-6″، في جميع أنحاء أوكرانيا، ما أدى إلى نتائج مدمرة. وأصاب بعضها مواقع قتالية وحطمت دبابات وعربات مدرعة.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال في خطابه، يوم الجمعة، إن قوات بلاده المضادة للطائرات أسقطت أكثر من عشر طائرات مسيرة في منطقة دنيبروبيتروفسك الشرقية وأوديسا. وعرَّفها سلاح الجو الأوكراني بأنها طائرات بدون طيار من طراز “شاهد-136” وطائرات “مهاجر-6” بدون طيار تحمل ذخائر، ويمكن استخدامها أيضاً للاستطلاع.

لكن 3 جنود أوكرانيين قالوا في مقابلات عدة، بحسب الصحيفة، إن الطائرات الإيرانية بدون طيار تشكل تهديداً كبيراً. وقالوا إن وصولها إلى ساحة المعركة يجعل حاجة الغرب إلى إرسال أسلحة حديثة إضافية أكثر إلحاحاً.

ويبدو، بحسب الصحيفة، أن الطائرات الإيرانية بدون طيار قد تغير قواعد اللعبة بالنسبة إلى الروس. فهي صغيرة نسبياً وتحلق على علو منخفض، متهربةً من الرادارات الأوكرانية.

كما قالت أريختا إنه يمكن إسقاطها بصواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات، ولكن خلال النهار فقط، لأن الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة لا تأتي مع نظام للرؤية الليلية.

وأضافت: “أقف أنا في موقع ضد طائرات الهليكوبتر الروسية من جانب، ولكن الطائرات الإيرانية بدون طيار تأتيك من جانب آخر. من الصعب جداً إغلاق المنطقة الضخمة مع سلاح (ستينغرز)”.

كذلك، أكدت أريختا أن أوركاينا تستخدم طائرات بدون طيار “Switchblade 300” التي توفرها لهم واشنطن، ولكنها في الأساس أنظمة تجارية وليست قوية بما يكفي للعمل ضد المركبات المدرعة والمدفعية، وأضافت: “تحتاج أوكرانيا إلى طائرات بدون طيار من طراز Switchblade 600 مطورة”، وهي ذخيرة وصفتها بأنها “Javelin طائرة”.

الطائرات المسيرة الإيرانية “مهاجر-6” تدخل ساحة المعركة الأوكرانية، وتضرب أوديسا ودنيبروبيتروفسك

تتمتع الطائرة الإيرانية الهجومية بعيدة المدى من طراز “مهاجر 6” بقوة لا يمكن الاستهانة بها. هناك معلومات تفيد بأن هذا النوع من الأسلحة ظهر لأول مرة في نزاع أوكرانيا ، حصل عليها الجيش الروسي من إيران.

الطائرة بدون طيار طويلة المدى طراز مهاجر 6 إيرانية الصنع قادرة على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة الموجهة ، بما في ذلك القنابل والصواريخ قصيرة المدى ، بحد أقصى 4 ذخائر لكل نوع.

تعمل مهاجر-6 على المراقبة وتشترك في نفس النظام الكهرو بصري العامل على طائرة “شاهد 129” بدون طيار ، مما يسمح لها بالبحث عن أهداف على مدى 12 كم والقفل عليها على مدى 10 كم.

إيران هي واحدة من ثلاث دول التي تشغل طائرات شبحية بدون طيار ، في حين أن صناعة الدفاع الروسية لم تحقق نجاحًا كبيرًا في استخدام الطائرات بدون طيار الهجومية.


الطائرة المسيرة الإيرانية مهاجر-6
الطائرة المسيرة الإيرانية مهاجر-6

في ساحة المعركة الأوكرانية ، جربت روسيا طائرات “أوريون” بدون طيار متوسطة الحجم ، وستنشر قريبًا مسيرات “سيريوس” و”ألتيوس-رو” (Altius-RU) الثقيلة إلى المعركة ، إلى جانب الطائرات بدون طيار الانتحارية مثل “لانسيت” أو “كوب” ، لكنها فشلت جميعًا في إلحاق الضرر بالقوات الأوكرانية ولم تلبي المتطلبات التكتيكية.

لذلك ، يعد شراء الطائرات الإيرانية بدون طيار خطوة لمساعدة روسيا في التغلب على هذا الضعف بسرعة.

سو-35 مقابل المسيرات

مقابل عدد كبير من الطائرات بدون طيار الإيرانية (يُقال أن عددها يصل إلى الآلاف) ، يقال إن روسيا تسارع إلى تنفيذ عقد لتزويد إيران بعشرات من مقاتلات Su-35S متعددة الأدوار.

طائرات سو-35 الروسية
طائرات سو-35 الروسية

إن قدرة مهاجر-6 ليست سوى الخطوة الثالية نحو نشر أسطول من الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع بقدرات تكتيكية أكثر تقدمًا لتلبية احتياجات الجيش الروسي.

في السابق ، قامت طائرات نقل تابعة للجيش الإيراني وفيلق الحرس الثوري الإسلامي بعدة رحلات جوية إلى روسيا منذ منتصف سبتمبر ويعتقد أنها تحمل أعدادًا كبيرة من الطائرات بدون طيار.

بعد الطائرة الانتحارية بدون طيار “شاهد 136” ، يقال إن الطائرات بدون طيار الإيرانية طويلة المدى مهاجر-6 بدأت العمل في ساحة المعركة الأوكرانية في دور الدعم الناري للجيش الروسي.

مهاجر 6
مهاجر 6

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن الطائرة بدون طيار شاركت في الهجوم على أهداف في أوديسا ودنيبروبيتروفسك ، على الرغم من عدم تقديم التفاصيل.

كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” من بين عدد من المصادر الغربية التي أبلغت عن وقوع “أضرار جسيمة” تسببت بها طائرات شاهد 136 بدون طيار الانتحارية ، نقلاً عن تصريحات ضباط أوكرانيين.

في حين أن شاهد 136 هي سلاح يستخدم مرة واحدة وتستخدم جسمها كوسيلة لنقل الرؤوس الحربية لضرب الهدف ، فإن مهاجر-6 هي شبيهة بمسيرات بيرقدار TB2 التي تشغلها أوكرانيا.

لم يتضح بعد ما إذا كان تأثير الطائرات الإيرانية بدون طيار في ساحة المعركة سيظهر ، أو إلى أي مدى سيتم نشر عدد الطائرات بدون طيار.

يجب التأكيد على أن إيران زودت نفسها بطائرات بدون طيار متطورة ، بما في ذلك شاهد 191 وتصميمات شبحية أخرى ، والتي أثبتت قدرتها على البقاء في القتال ضد شبكة دفاع جوي أكثر قدرة بكثير من أوكرانيا.

المسيرات الإيرانية في أوكرانيا.. كيف ترصدها العين الإسرائيلية؟

كتب العميد متقاعد في الجيش اللبناني شارل أبي نادر  حتى الآن، من غير الواضح على نحو مؤكد أن الوحدات الروسية بدأت تستعمل مسيرات انتحارية إيرانية في عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، حيث لم تعلن أي من طهران أو موسكو ذلك رسمياً، وعلى الرغم من انتشار عدد كبير من الصور والمشاهد لبعض نماذج هذه المسيرات الإيرانية المنفجرة في الميدان الأوكراني، يبقى الكلام الرسمي عن هذا الأمر غير موجود إلى حين صدور ما يؤكده من قبل الجهات المعنية، الإيرانية أو الروسية، خصوصاً أن تركيب المشاهد والصور ممكن ولا يمكن استبعاده.

في مطلق الأحوال، وبمعزل عن حقيقة استعمال الوحدات الروسية المسيرات الإيرانية في معركتها، سنحاول في هذه المساحة الإضاءة على أهمية ما تقدّمه المسيرات على نحو عام في الحرب الحديثة، والإضاءة على حساسية الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه المسيرات فيما لو استعملها الروس في أوكرانيا، والأهم من كل ذلك، سنحاول الإضاءة على نظرة "إسرائيل" وموقفها من هذا الأمر.

بداية، روسيا تعد عالمياً الدولة الثانية، من حيث امتلاك الطائرات المسيرة بمختلف نماذجها الهجومية، والهجومية الانتحارية، والراصدة، والراصدة الهجومية، مثل كورنتشتات أوريون والتيوس وسيريوس وهيليوس وكروم والمسيرة سوخوي B6، ومع ذلك، فإن الوحدات الروسية تحتاج إلى إمدادها بعدد أكبر -يفوق إمكاناتها الذاتية- من هذا السلاح النوعي، ومن جميع النماذج، وذلك للأسباب التالية:

-      صحيح أن دعم الغرب والناتو تحديداً للوحدات الأوكرانية تضمن تقريباً أغلب أنواع الأسلحة النوعية مثل مضاد الدبابات (جافلين)، وطائرات (ستنينغر)، والمدفعية الذاتية الحركة (155 هاوتزر) والرادارات الميدانية المتعددة المميزات والمهمات، وأخيراً قاذفات الصواريخ البعيدة هيمارس، ولكن بقيت المسيّرات الغربية التي حصلت عليها الوحدات الأوكرانية، هي أكثر الأسلحة فعالية في المعركة، مثل بيرقدار التركية أو Phoenix Ghost أو witchblade الأميركيتين وسوى ذلك من النماذج، وهو أكثر ما أثّر سلباً في القدرات الهجومية والدفاعية للوحدات الروسية.

-      لقد أثبت سلاح المسيرات، في المواجهة ضد دول العدوان على اليمن، وفي المواجهة في ليبيا أو في ناغورنو كاراباخ، واليوم في أوكرانيا، أنه السلاح الغادر والصادم والعصي إلى حد كبير على الإيقاع به أو تقييد حركته أو شلّه.

 كل ذلك يزيد الحاجة الروسية إلى أكبر عدد من المسيرات، حيث الميدان الأوكراني واسع وتنتشر فيه شبكة متشعبة من مجاري المياه التي تعوّق حركة المدرعات وناقلات الجند وقاطرات المدفعية، فتأتي المسيرات الانتحارية أو غير الانتحارية، لتتجاوز كل هذه الحواجز، فترصد وتهاجم آليات ومراكز الخصم، بعيداً من تعريض فرق الأسلحة الأخرى للخطر.

من هنا، لا يمكن استبعاد حاجة الروس إلى المسيرات الإيرانية، ولا يمكن أبداً استبعاد حصولهم على عدد كافٍ منها، ومن مختلف النماذج مثل شاهد 129 و191 و136، ومثل مهاجر 6. وما يعزز إمكانية حصول ذلك، غير حاجة الروس إليها، أن هذه المسيرات الإيرانية أثبتت وفي غير مناسبة أو مواجهة، أنها تملك فرصاً مرتفعة جداً للإفلات من أحدث منظومات الدفاع الجوي الأميركية والغربية، التي ينشر اليوم عدةَ نماذج منها الناتو في أوكرانيا بمواجهة الطائرات والصواريخ الروسية.

لا شك أمام هذه القدرة التي تملكها المسيرات الإيرانية، وأمام الدور الفعال والمساهم بنسبة كبيرة في مساعدة الروس لحسم معركتهم في أوكرانيا، سيكون الأميركيون غير راضين لا بل مستائين من حصول موسكو على مسيرات إيرانية واستعمالها في أوكرانيا، ولكن...

تبقى الخشية الأميركية الفعلية من عمل هذه المسيرات الإيرانية في أوكرانيا في مكان آخر، حيث "إسرائيل" ترصد بعين الخشية والخوف هذا الأمر وترى فيه نقطة جد سلبية، ستتجاوز تأثيراتها مساعدة الروس في أوكرانيا، على أهمية الموضوع بالنسبة إلى "تل أبيب"، ليكون هذا الخوف الإسرائيلي من النقاط التالية بالتحديد:

-      بعد أن أثبتت كل المعارك أخيراً حول العالم، أن المعركة الحية هي حقل التجارب الأنسب والأكثر إفادة لتطوير وتحسين أداء كل الأسلحة، وفائدة الميدان الحي أو الحرب الفعلية، تضاعف بدرجات، ما يمكن أن تقدّمه المناورات التدريبية أو التجارب التشغيلية لأداء الأسلحة، وهذا ما يمكن متابعته من المعارك في اليمن أولاً وفي ناغورنو كاراباخ وفي ليبيا وفي أوكرانيا.

-      ترى "إسرائيل"، وهي مصيبة في ذلك، أن انخراط المسيرات الإيرانية في الميدان الحي الأوكراني، سيكون فرصة ذهبية لن تتكرر، لتطوير هذه المسيرات والاستفادة من ثغرات الأسلحة التي تواجهها، خصوصاً أن هذه الأسلحة التي تواجه الأسلحةَ الروسية ومعها المسيرات الإيرانية، هي الأسلحة نفسها التي تمتلكها "إسرائيل" أو الأقرب إليها من حيث المميزات والتقنيات، وخصوصاً رادارات الرصد، التي تشترك "إسرائيل" مع دول الناتو في تصنيع وتشغيل أغلب تقنياتها.

من هنا تأتي الخشية الإسرائيلية الفعلية حيث ترى "تل أبيب" أن كل تقدم في مستوى الأسلحة الإيرانية وخصوصاً المسيرات، سوف تستفيد منه مباشرة كل أطراف محور المقاومة، لا سيما من هم على تماس مباشر معها، مثل حزب الله في لبنان وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وربما قريباً، في الضفة الغربية..

وهكذا، ستجد واشنطن و"تل أبيب"، الخطر مضاعفاً في مشاركة المسيرات الإيرانية في الحرب على الناتو في أوكرانيا.