محمد إبراهيم المدهون يكتب: في رثاء أخي قائد الأركان — شؤون عسكرية وأمنية

محمد إبراهيم المدهون يكتب: في رثاء أخي قائد الأركان

محمد-إبراهيم-المدهون-يكتب-في-رثاء-أخي-قائد-الأركان

وحدك يا أمير الفدائيين تعلو، ترحل إلى الشمس، تمضي إلى قسمات الوجوه، ترتسم على أسارير العائدين، تجمع في كفك المباركة خيوط البطولة والحماس و القسام والشهادة، تصنع نسيج الأمل العريض، تفرشه في الشوارع، في الحارات، في الساحات وتحيك منه لكل أسير كوفية وعلماً وضمادة جرح.

أن يترجل فارس فلسطين في ساحـة الشرف ليس بالحدث الجديـد، فلقد أصبح الاستشهاد على طريق الجهاد قدر الشعب الفلسطيني منذ أن اتخذ قراره بالدفاع عن دينه ووطنـه وحريته، وعندما يترجل الفارس المقدام (أحمد الجعبري) قلب الساحة التي لا تحتضن إلا الأبطال نكون قد ازددنا اقتراباً من النصر والعزة، فالطريق لا يعبد إلا بدماء الشهداء ولا يضاء إلا ببطولتهم التي لا يضيرها خيانة خائن أو غدر منافق أو خذلان جبان ...والله إنه ليصعب على القلم ويشق على بنانه أن يكتب بمداده عن مجاهد مثل (أحمد الجعبري) رمزاً وقائداً ومجاهداً ؟؟!! لن يستطيع المداد أن يعطيه حقه من التكريم وهو الفارس واضعا نصب عينيه (الموت في سبيل الله أسمى أمانينا).

صوب أبا محمد وإخوانه صواريخهم إلى صدور يهود الاحتلال وحفروا أنفاقهم ثقباً في القلب و تبديداً للوهم فكانت غزة الحرة المقاومة العصية. ورفعوا لواء عز الدين القسام في عزة وإباء، كان دوماً يحمل روحه على كفه وبندقيته على كتفه، فقد عزم على الجهاد حتى الشهادة ورفض أن ينسحب من الميدان بعد أن أمضى إثنتى عشرة سنة في سجون المحتل الغاصب و انتقل خلالها من العمل في صفوف فتح للعمل في صفوف حماس, و كان قائد الأركان للقسام, و عضواً منتخباً للمكتب السياسي لحماس, وبقي وفياً لقسمه فكان مُطِارداً للاحتلال وبقي أبا محمد وفياً لقسمه، قسم المؤمنين بالجهاد حلاً وحيداً لتحرير كل فلسطين حتى اصطفى الله شقيقه و ولده و أقرباؤه و أصيب فما لانت له قناة و ما كُسرت له إرادة حتى أكرمه الله بالشهادة.

نجح القائد وإخوانه في تنفيذ عدد كبير من عمليات المقاومة الفذة و على رأسها الوهم المتبدد و خطف شاليط دخلت عمليات صيد (رئيس أركان حماس) وهي التسمية التي أطلقتها سلطات الاحتلال العسكرية على شهيدنا الغالي وتم تشكيل قوة خاصة لمطاردته بالذات, و كان يوم فلسطين العظيم يوم يوفى أبا محمد (وفاء الأحرار) وسلمهم شاليط في مشهد عز لأبي محمد وذل لنتنياهو بعد خمس سنوات و نيف من أسره واستلم ما يناهز 1500 من أبطال فلسطين المحررين من القيد في وسام عز وفخار وشرف عز نظيره.


فيا يوم الرابع عشر من نوفمبر و اليوم الأخير من 1433 العام الهجري، يا يوم الملحمة الخالدة، أطلقها تدوي على رؤوس الأشهاد، نعم الشهيد القائد أبا محمد، ونعم الحي عند ربه، تشهد له كل فلسطين، تكبر له مآذن القدس، وتهلل له مساجد غزة، فهنيئاً لك يا أحمد القسام، هنيئاً لك وسام الشهادة الخالد، فقد سطرت الغد المشرق، ورويت أرضاً متعطشة لدماء الطاهرين لتنبت العزة والكرامة، تقف معلماً لكل المجاهدين، كيف يطرقون الجنة بجماجم اليهود، اليوم عجز عمالقة الكلام أمام عمالقة الجهاد، وتقدم الدم الزكي يخطب فينا، ليحرك فينا الهمم ويبعث فينا العزائم. وهنا أومأ (قائد أركان حماس) مبتسماً فالنبتة غدت عصية عن الاقتلاع و جيش القسام في طريقه لتحرير فلسطين وبيت المقدس و المسجد الأقصى، وهذا ما أراد.